وحكى القرطبي في تفسيره في هذه الآية الكريمة، أقوالاً كثيرة، ولم يذكر أنهم لا أطفال المسلمين ولا المشركين، إلا أنه ذكر في آخر كلامه عن الفراء أنه قال: هم الولدان، لأنهم لا يعرفون الذنوب.
وقد حكيت قول الفراء قريباً، وأنه أسنده إلى علي ـ رضي الله عنه ـ لكن حكى القرطبي في غير هذا الموضع: أن الأطفال إن ماتوا صغاراً فهم في الجنة، أعني جميع الأطفال، لأن الله تعالى لما أخرج ذرية آدم من صلبه في صورة الذر أقروا له بالربوبية، وهو قوله تعالى:{وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا} .
ثم أعادهم في صلب آدم، بعد أن أقروا له بالربوبية، ثم يكتب العبد في بطن أمه، شقياً أو سعيداً، على الكتاب الأول.
[فصل ـ في معنى الفطرة التي نشأعليها كل مولود من بني آدم من ذكر وأنثى]
قال الله تعالى:{فطرة الله التي فطر الناس عليها} وقال صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة» .
وقد قدمنا في ذلك كلاماً مختصراً، ولكن نبين معنى الفطرة لغة وإعراباً.
قال أبو البقاء في إعرابه: فطرة الله، أي: الزموا واتبعوا دين الله التي خلق الناس عليها.
انتهى كلامه.
وقال الطبري: فطرة الله مصدر، المعنى: فأقم وجهك، لأن معنى ذلك: فطر الله الناس على ذلك.
وقال النحاس: سميت الفطرة ديناً، لأن الناس يخلقون له.