فيقول:{إنا لله وإنا إليه راجعون} ، اللهم اؤجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيراً منها، إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها» ، قالت: فلما توفي أبو سلمة، قلت: من خير من أبي سلمة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: ثم عزم لي فقلتها، فتزوجت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروى مسلم نحوه من حديث سعد بن سعيد الأنصاري، أخي يحيى ابن سعيد، عن عمر بن كثير عن ابن سفينة، فذكر نحوه.
والمقصود: أن هذا تنبيه على قوله تعالى: {وبشر الصابرين} ، إما بالخلف، كما أخلف الله تعالى لأم سلمة، بدل زوجها أبي سلمة، رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين تبعت السنة، وقالت ما أمرت به ممتثلة طائعة، إن البر ـ له ـ والخير فيما قاله الله ورسوله، وإن الضلال والشقاء في مخالفة الله ورسوله، فلما علمت ـ رضي الله عنها ـ أن كل خير في الوجود، إما عام وإما خاص، فهو من جهة الله ورسوله، وأن كل شر في العالم، أو كل شر مختص بالعبد، فسببه مخالفة الله ورسوله، فلما قالت هذه الكلمات، حصل لها مرافقة الرسول في الدنيا والآخرة.
وقد يحصل العبد بكلمات الاسترجاع منزلة عالية وثواباً جزيلاً، كما في «حديث أبي موسى، وسيأتي ذكره، وفيه: فيقول الله تعالى لملائكته: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تبارك: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد» .
وقد تقدم الاسترجاع في المصيبة وأن قائله، عليه الصلوات من ربه والرحمة، وهو من المهتدين.
وقول عمر: نعم العدلان ونعمت العلاوة، وأنه أراد بالعدلين الصلوات، والرحمة، وبالعلاوة الهداية، والله أعلم.
وقيل: المراد استحقاق الثواب، وتسهيل المصاب، وتخفيف الحزن، {أولئك عليهم صلوات من ربهم} ، فالصلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الآدمي التضرع والدعاء.
وقال أبو العالية: صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء.
وظاهر الآيه ـ والله أعلم ـ أن الصلاة من الله غير الرحمة، فإنه تعالى عطف الرحمة على الصلاة فعلم التغاير.