للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تراه إن بَرْهَنَ أقوالَهُ ... فقلَّ أن تُدحَرَ أو تُدحَضا

وربحُه في مَددٍ طافحٍ ... وخصمُه في وقتِه انقضا

يودُّ لو أبلعَهُ ريقه ... وهو بالحقِّ قد أجْرِضا

أغصَّه حتى غدا مُطرقاً ... مِن ندمٍ كفّيه قد عضّضا

ما كان إلا أسداً حادِرا ... أضحى له غابُ النُّهى مَربَضا

وهو يرى العِلمَ في بُردِه ... وخَصمُه قد ضمّ جَمرَ الغضا

سُبحان من سخَّر قَلبَ الورى ... لقوله طوعاً وقد قيَّضا

قد أجمعَ النّاسُ على حُبِّه ... ولا اعتبارَ بالذي أبغضا

كان سليمَ الصَّدرِ قد سلّم ال ... أمرَ لباريه وقد فوّضا

كم حثّ للخير وكم ذي كرى ... أيقظ من نومٍ وكم حرّضا

وأمرض الإلحادَ لمّا جلى ال ... حقّ وقلبُ الزِّيغِ قد أرمضا

وغادر الباطلَ في ظُلمَةٍ ... لمّا رأى بارقَةٌ أومضا

وهو عن الدنيا زوى نفسَه ... والله بالجنَّةِ قد عوّضا

فماله في منصبٍ رغبَةٌ ... وعزمُه في ذاك ما استنهضا

كان إذا الدّنيا له عرضت ... بزُخرفِ من نفسها أعرضا

ولو رأى ذلك ما فاته ... مناصبُ من بَعضهنَّ القضا

وبعد هذا حكُمه نافذذٌ ... في كلِّ ما قد شاءه وارتضى

بنفسه جاهدَ جهراً وكم ... سَلَّ حّساماً في الوغى وانتضى

ويوم غازان غدا عندما ... شدّدَ في القولِ ومت خفَّضا

شقَّ سواد المُغلِ زاهي الطُلا ... كالماء لما مَزقَ العَرمَضا

جاذل بل جالد مُستمسِكا ... بالحق حتى إنّه أجهَضا

<<  <   >  >>