وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ: أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» ) وَلَكِنَّ هَذِهِ كَانَتْ خِلَافَةً خَاصَّةً عَلَى أَهْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَمَّا الِاسْتِخْلَافُ الْعَامُّ فَكَانَ لِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيِّ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا أَنَّ الْمُنَافِقِينَ لَمَّا أَرْجَفُوا بِهِ وَقَالُوا: خَلَّفَهُ اسْتِثْقَالًا أَخَذَ سِلَاحَهُ ثُمَّ لَحِقَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: ( «كَذَبُوا، وَلَكِنْ خَلَّفْتُكَ لِمَا تَرَكْتُ وَرَائِي، فَارْجِعْ فَاخْلُفْنِي فِي أَهْلِي وَأَهْلِكَ» )
وَمِنْهَا: جَوَازُ الْخَرْصِ لِلرُّطَبِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ، وَأَنَّهُ مِنَ الشَّرْعِ، وَالْعَمَلِ بِقَوْلِ الْخَارِصِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي غَزَاةِ خَيْبَرَ، وَأَنَّ الْإِمَامَ يَجُوزُ أَنْ يَخْرِصَ بِنَفْسِهِ كَمَا خَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيقَةَ الْمَرْأَةِ
وَمِنْهَا: أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي بِآبَارِ ثَمُودَ لَا يَجُوزُ شُرْبُهُ، وَلَا الطَّبْخُ مِنْهُ، وَلَا الْعَجِينُ بِهِ، وَلَا الطَّهَارَةُ بِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُسْقَى الْبَهَائِمَ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ بِئْرِ النَّاقَةِ، وَكَانَتْ مَعْلُومَةً بَاقِيَةً إِلَى زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ اسْتَمَرَّ عِلْمُ النَّاسِ بِهَا قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ إِلَى وَقْتِنَا هَذَا، فَلَا يَرِدُ الرُّكُوبُ بِئْرًا غَيْرَهَا، وَهِيَ مَطْوِيَّةٌ مُحْكَمَةُ الْبِنَاءِ وَاسِعَةُ الْأَرْجَاءِ، آثَارُ الْعِتْقِ عَلَيْهَا بَادِيَةٌ، لَا تَشْتَبِهُ بِغَيْرِهَا
وَمِنْهَا: أَنَّ مَنْ مَرَّ بِدِيَارِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَالْمُعَذَّبِينَ لَمْ يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يَدْخُلَهَا وَلَا يُقِيمَ بِهَا، بَلْ يُسْرِعُ السَّيْرَ وَيَتَقَنَّعُ بِثَوْبِهِ حَتَّى يُجَاوِزَهَا، وَلَا يَدْخُلَ عَلَيْهِمْ إِلَّا بَاكِيًا مُعْتَبِرًا
وَمِنْ هَذَا إِسْرَاعُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّيْرَ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ بَيْنَ مِنًى وَعَرَفَةَ، فَإِنَّهُ الْمَكَانُ الَّذِي أَهْلَكَ اللَّهُ فِيهِ الْفِيلَ وَأَصْحَابَهُ
وَمِنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ، وَقَدْ جَاءَ جَمْعُ التَّقْدِيمِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي حَدِيثِ معاذ كَمَا تَقَدَّمَ، وَذَكَرْنَا عِلَّةَ الْحَدِيثِ وَمَنْ أَنْكَرَهُ، وَلَمْ يَجِئْ جَمْعُ التَّقْدِيمِ عَنْهُ فِي سَفَرٍ إِلَّا هَذَا، وَصَحَّ عَنْهُ جَمْعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute