للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٣ -] يَقُولُ: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ {إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: ١٠٣] فَأَخَذَ مِنْهُمُ الصَّدَقَةَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَكَانَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ لَمْ يُوثِقُوا أَنْفُسَهُمْ بِالسَّوَارِي، فَأُرْجِئُوا لَا يَدْرُونَ أَيُعَذَّبُونَ أَمْ يُتَابُ عَلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} [التوبة: ١١٧] إِلَى قَوْلِهِ: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: ١١٨] إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: ١١٨] تَابَعَهُ عَطِيَّةُ بْنُ سَعْدٍ

[فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةِ إِلَى بَعْضِ مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْغَزْوَةُ مِنَ الْفِقْهِ وَالْفَوَائِدِ]

[جَوَازُ الْقِتَالِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ]

فَصْلٌ

فِي الْإِشَارَةِ إِلَى بَعْضِ مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْغَزْوَةُ مِنَ الْفِقْهِ وَالْفَوَائِدِ

فَمِنْهَا: جَوَازُ الْقِتَالِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ إِنْ كَانَ خُرُوجُهُ فِي رَجَبٍ مَحْفُوظًا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَلَكِنْ هَاهُنَا أَمْرٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ لَمْ يَكُونُوا يُحَرِّمُونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ، بِخِلَافِ الْعَرَبِ، فَإِنَّهَا كَانَتْ تُحَرِّمُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِي نَسْخِ تَحْرِيمِ الْقِتَالِ فِيهِ قَوْلَيْنِ وَذَكَرْنَا حُجَجَ الْفَرِيقَيْنِ.

وَمِنْهَا: تَصْرِيحُ الْإِمَامِ لِلرَّعِيَّةِ وَإِعْلَامُهُمْ بِالْأَمْرِ الَّذِي يَضُرُّهُمْ سَتْرُهُ وَإِخْفَاؤُهُ ; لِيَتَأَهَّبُوا لَهُ وَيُعِدُّوا لَهُ عُدَّتَهُ، وَجَوَازُ سَتْرِ غَيْرِهِ عَنْهُمْ وَالْكِنَايَةِ عَنْهُ لِلْمَصْلَحَةِ

وَمِنْهَا: أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا اسْتَنْفَرَ الْجَيْشَ لَزِمَهُمُ النَّفِيرُ، وَلَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ التَّخَلُّفُ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ النَّفِيرِ تَعْيِينُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ، بَلْ مَتَى اسْتَنْفَرَ الْجَيْشَ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْخُرُوجُ مَعَهُ، وَهَذَا أَحَدُ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي يَصِيرُ فِيهَا الْجِهَادُ فَرْضَ عَيْنٍ.

وَالثَّانِي: إِذَا حَضَرَ الْعَدُوُّ الْبَلَدَ.

وَالثَّالِثُ: إِذَا حَضَرَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ.

وَمِنْهَا: وُجُوبُ الْجِهَادِ بِالْمَالِ كَمَا يَجِبُ بِالنَّفْسِ، وَهَذَا إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أحمد، وَهِيَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ، فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالْجِهَادِ بِالْمَالِ شَقِيقُ الْأَمْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>