رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَغْنَمٍ يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَارِفًا آخَرَ، فَأَنَخْتُهُمَا يَوْمًا عِنْدَ بَابِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهِمَا إِذْخِرًا لِأَبِيعَهُ» ) . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَهَذَا فِي الْكَلَأِ وَالْحَطَبِ الْمُبَاحِ بَعْدَ أَخْذِهِ وَإِحْرَازِهِ، وَكَذَلِكَ السَّمَكُ وَسَائِرُ الْمُبَاحَاتِ، وَلَيْسَ هَذَا مَحِلُّ النَّهْيِ بِالضَّرُورَةِ، وَلَا مَحِلُّ النَّهْيِ أَيْضًا بَيْعُ مِيَاهِ الْأَنْهَارِ الْكِبَارِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ النَّاسِ؛ فَإِنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ مَنْعُهَا، وَالْحَجْرُ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا مَحِلُّ النَّهْيِ صُوَرٌ، أَحَدُهَا: الْمِيَاهُ الْمُنْتَقِعَةُ مِنَ الْأَمْطَارِ إِذَا اجْتَمَعَتْ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ، فَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ النَّاسِ، وَلَيْسَ أَحَدٌ أَحَقَّ بِهَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِالتَّقْدِيمِ لِقُرْبِ أَرْضِهِ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَهَذَا النَّوْعُ لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ وَلَا مَنْعُهُ، وَمَانِعُهُ عَاصٍ مُسْتَوْجِبٌ لِوَعِيدِ اللَّهِ وَمَنْعِ فَضْلِهِ إِذْ مَنَعَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاهُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَلَوِ اتَّخَذَ فِي أَرْضِهِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ حُفْرَةً يَجْمَعُ فِيهَا الْمَاءَ، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا، فَهَلْ يَمْلِكُهُ بِذَلِكَ، وَيَحِلُّ لَهُ بَيْعُهُ؟ قِيلَ: لَا رَيْبَ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَمَتَى كَانَ الْمَاءُ النَّابِعُ فِي مِلْكِهِ، وَالْكَلَأُ وَالْمَعْدِنُ فَوْقَ كِفَايَتِهِ لِشُرْبِهِ وَشُرْبِ مَاشِيَتِهِ وَدَوَابِّهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بَذْلُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ أحمد، وَهَذَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ وَعِيدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا تَوَعَّدَ مَنْ مَنَعَ فَضْلَ الْمَاءِ، وَلَا فَضْلَ فِي هَذَا.
[فصل يَجِبُ بَذْلُ مَا فَضَلَ مِنَ الْمَاءِ عَنْ حَاجَتِهِ وَحَاجَةِ بَهَائِمِهِ وَزَرْعِهِ لِمَنْ طَلَبَهُ لِحَاجَتِهِ أَوْ حَاجَةِ بَهَائِمِهِ وَالِاخْتِلَافُ فِي بَذْلِهِ لِزَرْعِ غَيْرِهِ]
فَصْلٌ.
وَمَا فَضَلَ مِنْهُ عَنْ حَاجَتِهِ وَحَاجَةِ بَهَائِمِهِ وَزَرْعِهِ، وَاحْتَاجَ إِلَيْهِ آدَمِيٌّ مِثْلُهُ، أَوْ بَهَائِمُهُ، بَذَلَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ إِلَى الْمَاءِ وَيَشْرَبَ. وَيَسْقِي مَاشِيَتَهُ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْمَاءِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ الشَّارِبَ وَسَاقِيَ الْبَهَائِمِ عِوَضٌ. وَهَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَبْذُلَ لَهُ الدَّلْوَ وَالْبَكَرَةَ وَالْحَبْلَ مَجَّانًا، أَوْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَتَهُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَهُمَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ أحمد فِي وُجُوبِ إِعَارَةِ الْمَتَاعِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، أَظْهَرُهُمَا دَلِيلًا وُجُوبُهُ، وَهُوَ مِنَ الْمَاعُونِ.
قَالَ أحمد: إِنَّمَا هَذَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute