الْبَاطِنِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَخْذُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، قَالَ أَصْحَابُ أحمد وَالشَّافِعِيِّ: وَإِنْ أَعْطَى صَاحِبَ الْفَحْلِ هَدِيَّةً، أَوْ كَرَامَةً مِنْ غَيْرِ إِجَارَةٍ جَازَ، وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثٍ رُوِيَ عَنْ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( «إِذَا كَانَ إِكْرَامًا فَلَا بَأْسَ» ) ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ " الْمُغْنِي " وَلَا أَعْرِفُ حَالَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَا مَنْ خَرَّجَهُ، وَقَدْ نَصَّ أحمد فِي رِوَايَةِ ابن القاسم عَلَى خِلَافِهِ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَا يَكُونُ مِثْلَ الْحَجَّامِ يُعْطَى، وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ؟ فَقَالَ: لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى فِي مِثْلِ هَذَا شَيْئًا كَمَا بَلَغَنَا فِي الْحَجَّامِ.
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي حَمْلِ كَلَامِ أحمد رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، أَوْ تَأْوِيلِهِ، فَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى ظَاهِرِهِ، وَقَالَ: هَذَا مُقْتَضَى النَّظَرِ، لَكِنْ تُرِكَ مُقْتَضَاهُ فِي الْحَجَّامِ، فَبَقِيَ فِيمَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الْقِيَاسِ. وَقَالَ أبو محمد فِي " الْمُغْنِي ": كَلَامُ أحمد يُحْمَلُ عَلَى الْوَرَعِ لَا عَلَى التَّحْرِيمِ، وَالْجَوَازُ أَرْفَقُ بِالنَّاسِ، وَأَوْفَقُ لِلْقِيَاسِ.
[ذِكْرُ حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِ الْمَاءِ الَّذِي يَشْتَرِكُ فِيهِ النَّاسُ]
ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ مسلم " مِنْ حَدِيثِ جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ» .
وَفِيهِ عَنْهُ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ ضِرَابِ الْفَحْلِ، وَعَنْ بَيْعِ الْمَاءِ وَالْأَرْضِ لِتُحْرَثَ» ، فَعَنْ ذَلِكَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( «لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ» ) وَفِي لَفْظٍ آخَرَ ( «لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute