للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يَتَخَلَّفْ مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرُ عيينة بن حصن، فَإِنَّهُ أَبَى أَنْ يَرُدَّ عَجُوزًا صَارَتْ فِي يَدَيْهِ، ثُمَّ رَدَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَسَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّبْيَ قُبْطِيَّةً قُبْطِيَّةً.

[فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةِ إِلَى بَعْضِ مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْغَزْوَةُ مِنَ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ وَالنُّكَتِ الْحُكْمِيَّةِ]

[تَسَبَّبَتْ حَرْبُ هَوَازِنَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِظْهَارِ أَمْرِ اللَّهِ]

فَصْلٌ

فِي الْإِشَارَةِ إِلَى بَعْضِ مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْغَزْوَةُ مِنَ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ وَالنُّكَتِ الْحُكْمِيَّةِ

كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وَعَدَ رَسُولَهُ وَهُوَ صَادِقُ الْوَعْدِ، أَنَّهُ إِذَا فَتَحَ مَكَّةَ دَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِهِ أَفْوَاجًا، وَدَانَتْ لَهُ الْعَرَبُ بِأَسْرِهَا، فَلَمَّا تَمَّ لَهُ الْفَتْحُ الْمُبِينُ اقْتَضَتْ حِكْمَتُهُ تَعَالَى أَنْ أَمْسَكَ قُلُوبَ هَوَازِنَ وَمَنْ تَبِعَهَا عَنِ الْإِسْلَامِ، وَأَنْ يَجْمَعُوا وَيَتَأَلَّبُوا لِحَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمِينَ؛ لِيَظْهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَتَمَامُ إِعْزَازِهِ لِرَسُولِهِ وَنَصْرِهِ لِدِينِهِ، وَلِتَكُونَ غَنَائِمُهُمْ شُكْرَانًا لِأَهْلِ الْفَتْحِ، وَلِيُظْهِرَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - رَسُولَهُ وَعِبَادَهُ، وَقَهْرَهُ لِهَذِهِ الشَّوْكَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي لَمْ يَلْقَ الْمُسْلِمُونَ مِثْلَهَا، فَلَا يُقَاوِمُهُمْ بَعْدُ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَلِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْحِكَمِ الْبَاهِرَةِ الَّتِي تَلُوحُ لِلْمُتَأَمِّلِينَ، وَتَبْدُو لِلْمُتَوَسِّمِينَ.

وَاقْتَضَتْ حِكْمَتُهُ سُبْحَانَهُ أَنْ أَذَاقَ الْمُسْلِمِينَ أَوَّلًا مَرَارَةَ الْهَزِيمَةِ وَالْكَسْرَةِ مَعَ كَثْرَةِ عَدَدِهِمْ وَعُدَدِهِمْ، وَقُوَّةِ شَوْكَتِهِمْ لِيُطَامِنَ رُءُوسًا رُفِعَتْ بِالْفَتْحِ، وَلَمْ تَدْخُلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>