للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَهُ أَمْرٌ، فَقَالَ أبو عبيدة: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَنَا أَنْ نَتَطَاوَعَ، فَأَنَا أُطِيعُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ عَصَاهُ عمرو.

[فصل في قِصَّةُ تَيَمُّمِ ابْنِ الْعَاصِ مِنَ الْجَنَابَةِ]

فَصْلٌ

وَفِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ «احْتَلَمَ أَمِيرُ الْجَيْشِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَكَانَتْ لَيْلَةً بَارِدَةً، فَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْمَاءِ، فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ الصُّبْحَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: "يَا عمرو صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟ ". فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي مَنَعَهُ مِنَ الِاغْتِسَالِ، وَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: ٢٩] [النِّسَاءِ: ٢٩] . فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا» ، وَقدِ احْتَجَّ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ مَنْ قَالَ: إِنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمَّاهُ جُنُبًا بَعْدَ تَيَمُّمِهِ، وَأَجَابَ مَنْ نَازَعَهُمْ فِي ذَلِكَ بِثَلَاثَةِ أَجْوِبَةٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا شَكَوْهُ قَالُوا: صَلَّى بِنَا الصُّبْحَ وَهُوَ جُنُبٌ، فَسَأَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: "صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟ " اسْتِفْهَامًا وَاسْتِعْلَامًا، فَلَمَّا أَخْبَرَهُ بِعُذْرِهِ وَأَنَّهُ تَيَمَّمَ لِلْحَاجَةِ أَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ.

الثَّانِي: أَنَّ الرِّوَايَةَ اخْتَلَفَتْ عَنْهُ، فَرُوِيَ عَنْهُ فِيهَا أَنَّهُ غَسَلَ مَغَابِنَهُ، وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ، وَلَمْ يُذْكَرِ التَّيَمُّمُ، وَكَأَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ أَقْوَى مِنْ رِوَايَةِ التَّيَمُّمِ، قَالَ عبد الحق وَقَدْ ذَكَرَهَا وَذَكَرَ رِوَايَةَ التَّيَمُّمِ قَبْلَهَا، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا أَوْصَلُ مِنَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ عَنْ عبد الرحمن بن جبير المصري، عَنْ أبي القيس مولى

<<  <  ج: ص:  >  >>