للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَرْأَةِ تُقِيمُ شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى طَلَاقِ زَوْجِهَا وَالزَّوْجُ مُنْكِرٌ]

ذَكَرَ ابْنُ وَضَّاحٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زهير بن محمد، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( «إِذَا ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ زَوْجِهَا، فَجَاءَتْ عَلَى ذَلِكَ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَدْلٍ، اسْتُحْلِفَ زَوْجُهَا، فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَتْ عَنْهُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ، وَإِنْ نَكَلَ فَنُكُولُهُ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدٍ آخَرَ، وَجَازَ طَلَاقُهُ» ) فَتَضَمَّنَ هَذَا الْحُكْمُ أَرْبَعَةَ أُمُورٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فِي الطَّلَاقِ، وَلَا مَعَ يَمِينِ الْمَرْأَةِ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَمْوَالِ خَاصَّةً، لَا يَقَعُ فِي حَدٍّ، وَلَا نِكَاحٍ، وَلَا طَلَاقٍ، وَلَا إِعْتَاقٍ، وَلَا سَرِقَةٍ، وَلَا قَتْلٍ. وَقَدْ نَصَّ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا ادَّعَى أَنَّ سَيَّدَهُ أَعْتَقَهُ، وَأَتَى بِشَاهِدٍ، حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ، وَصَارَ حُرًّا، وَاخْتَارَهُ الخرقي، وَنَصَّ أحمد فِي شَرِيكَيْنِ، فِي عَبْدٍ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ شَرِيكَهُ أَعْتَقَ حَقَّهُ مِنْهُ، وَكَانَا مُعْسِرَيْنِ عَدْلَيْنِ، فَلِلْعَبْدِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيَصِيرَ حُرًّا، وَيَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا، وَيَصِيرَ نِصْفُهُ حُرًّا، وَلَكِنْ لَا يُعْرَفُ عَنْهُ أَنَّ الطَّلَاقَ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ.

وَقَدْ دَلَّ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ هَذَا عَلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَنُكُولِ الزَّوْجِ، وَهُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنَّ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدَّهِ، لَا يُعْرَفُ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ، إِلَّا مَنِ احْتَجَّ بِهِ، وَبَنَى عَلَيْهِ، وَإِنْ خَالَفَهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، وزهير بن محمد الرَّاوِي عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ثِقَةٌ مُحْتَجٌّ بِهِ فِي " الصَّحِيحَيْنِ "، وعمرو بن أبي سلمة، هو أبو حفص التنيسي، مُحْتَجٌّ بِهِ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " أَيْضًا، فَمَنِ احْتَجَّ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. فَهَذَا مِنْ أَصَحِّ حَدِيثِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>