للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُرَابٍ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ إِنَّمَا كَنَّاهُ أَبَا تُرَابٍ بَعْدَ نِكَاحِهِ فاطمة، وَكَانَ نِكَاحُهَا بَعْدَ بَدْرٍ، فَإِنَّهُ ( «لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا وَقَالَ " أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟ " قَالَتْ خَرَجَ مُغَاضِبًا، فَجَاءَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَوَجَدَهُ مُضْطَجِعًا فِيهِ، وَقَدْ لَصِقَ بِهِ التُّرَابُ، فَجَعَلَ يَنْفُضُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ: " اجْلِسْ أَبَا تُرَابٍ اجْلِسْ أَبَا تُرَابٍ» ) وَهُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ كُنِّيَ فِيهِ أَبَا تُرَابٍ.

[فصل في سَرِيَّةُ نَخْلَةَ]

فَصْلٌ

ثُمَّ بَعَثَ عبد الله بن جحش الأسدي إِلَى نَخْلَةَ فِي رَجَبٍ، عَلَى رَأْسِ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ، فِي اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، كُلُّ اثْنَيْنِ يَعْتَقِبَانِ عَلَى بَعِيرٍ، فَوَصَلُوا إِلَى بَطْنِ نَخْلَةَ يَرْصُدُونَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَفِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ سَمَّى عبد الله بن جحش أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ( «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ لَهُ كِتَابًا، وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَنْظُرَ فِيهِ حَتَّى يَسِيرَ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ يَنْظُرَ فِيهِ، وَلَمَّا فَتَحَ الْكِتَابَ وَجَدَ فِيهِ " إِذَا نَظَرْتَ فِي كِتَابِي هَذَا، فَامْضِ حَتَّى تَنْزِلَ نَخْلَةَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ، فَتَرْصُدَ بِهَا قُرَيْشًا، وَتَعْلَمَ لَنَا مِنْ أَخْبَارِهِمْ» ) . فَقَالَ: سَمْعًا وَطَاعَةً، وَأَخْبَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ، وَبِأَنَّهُ لَا يَسْتَكْرِهُهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ الشَّهَادَةَ، فَلْيَنْهَضْ، وَمَنْ كَرِهَ الْمَوْتَ، فَلْيَرْجِعْ، وَأَمَّا أَنَا فَنَاهِضٌ، فَمَضَوْا كُلُّهُمْ، فَلَمَّا كَانَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ أَضَلَّ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ بَعِيرًا لَهُمَا كَانَا يَعْتَقِبَانِهِ، فَتَخَلَّفَا فِي طَلَبِهِ، وَبَعُدَ عبد الله بن جحش حَتَّى نَزَلَ بِنَخْلَةَ، فَمَرَّتْ بِهِ عِيرٌ لِقُرَيْشٍ تَحْمِلُ زَبِيبًا وَأُدْمًا وَتِجَارَةً فِيهَا عمرو بن الحضرمي، وعثمان ونوفل: ابْنَا عبد الله بن المغيرة، والحكم بن كيسان مولى بني المغيرة، فَتَشَاوَرَ الْمُسْلِمُونَ، وَقَالُوا: نَحْنُ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَإِنْ قَاتَلْنَاهُمْ، انْتَهَكْنَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ، وَإِنْ تَرَكْنَاهُمُ اللَّيْلَةَ دَخَلُوا الْحَرَمَ، ثُمَّ أَجْمَعُوا عَلَى مُلَاقَاتِهِمْ، فَرَمَى أَحَدُهُمْ عمرو بن الحضرمي فَقَتَلَهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>