للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالشَّرَابِ، وَالدَّعَةِ وَالسُّرُورِ، وَمُعَاشَرَةِ الْأَحِبَّةِ، وَحُدُوثِ الْأُمُورِ الْمَحْبُوبَةِ، وَغَيْبَةِ مَنْ تَسُرُّ غَيْبَتُهُ، وَيَثْقُلُ عَلَى الرُّوحِ مُشَاهَدَتُهُ، كَالثُّقَلَاءِ وَالْبُغَضَاءِ، فَإِنَّ مُعَاشَرَتَهُمْ تُوهِنُ الْقُوَى، وَتَجْلِبُ الْهَمَّ وَالْغَمَّ، وَهِيَ لِلرُّوحِ بِمَنْزِلَةِ الْحُمَّى لِلْبَدَنِ، وَبِمَنْزِلَةِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ، وَلِهَذَا كَانَ مِمَّا حَبَّبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الصَّحَابَةَ بِنَهْيِهِمْ عَنِ التَّخَلُّقِ بِهَذَا الْخُلُقِ فِي مُعَاشَرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَأَذِّيهِ بِذَلِكَ، فَقَالَ: {إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الأحزاب: ٥٣] [الْأَحْزَابِ: ٥٣] .

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ ( «الطِّيبَ كَانَ مِنْ أَحَبِّ الْأَشْيَاءِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ) وَلَهُ تَأْثِيرٌ فِي حِفْظِ الصِّحَّةِ، وَدَفْعِ كَثِيرٍ مِنَ الْآلَامِ، وَأَسْبَابِهَا بِسَبَبِ قُوَّةِ الطَّبِيعَةِ بِهِ.

[طِينٌ]

ٌ: وَرَدَ فِي أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةٍ لَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ مِثْلِ حَدِيثِ ( «مَنْ أَكَلَ الطِّينَ، فَقَدْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ» ) وَمِثْلِ حَدِيثِ: ( «يَا حُمَيْرَاءُ لَا تَأْكُلِي الطِّينَ فَإِنَّهُ يَعْصِمُ الْبَطْنَ، وَيُصَفِّرُ اللَّوْنَ، وَيُذْهِبُ بَهَاءَ الْوَجْهِ» ) .

وَكُلُّ حَدِيثٍ فِي الطِّينِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَلَا أَصْلَ لَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا أَنَّهُ رَدِيءٌ مُؤْذٍ، يَسُدُّ مَجَارِيَ الْعُرُوقِ، وَهُوَ بَارِدٌ يَابِسٌ، قَوِيُّ التَّجْفِيفِ، وَيَمْنَعُ اسْتِطْلَاقَ الْبَطْنِ، وَيُوجِبُ نَفْثَ الدَّمِ وَقُرُوحَ الْفَمِ.

[طَلْحٌ]

ٌ: قَالَ تَعَالَى: {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} [الواقعة: ٢٩] [الْوَاقِعَةِ: ٢٩] ، قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ، هُوَ الْمَوْزُ. وَالْمَنْضُودُ: هُوَ الَّذِي قَدْ نُضِّدَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، كَالْمُشْطِ.

وَقِيلَ: الطَّلْحُ: الشَّجَرُ ذُو الشَّوْكِ، نُضِّدَ مَكَانَ كُلِّ شَوْكَةٍ ثَمَرَةٌ، فَثَمَرُهُ قَدْ نُضِّدَ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ، فَهُوَ مِثْلُ الْمَوْزِ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ، وَيَكُونُ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْزِ مِنَ السَّلَفِ أَرَادَ التَّمْثِيلَ لَا التَّخْصِيصَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَهُوَ حَارٌّ رَطْبٌ، أَجْوَدُهُ النَّضِيجُ الْحُلْوُ، يَنْفَعُ مِنْ خُشُونَةِ الصَّدْرِ وَالرِّئَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>