فَرْجِهَا، فَالْأَرْضُ تُحْفَرُ، فَأُغَيَّبُ فِيهَا، وَأَمَّا طَلَبُ ابْنِي إِيَّايَ وَحَبْسُهُ عَنِّي، فَإِنِّي أَرَاهُ سَيَجْهَدُ لِأَنْ يُصِيبَهُ مِنَ الشَّهَادَةِ مَا أَصَابَنِي، فَقُتِلَ الطفيل شَهِيدًا بِالْيَمَامَةِ، وَجُرِحَ ابْنُهُ عمرو جُرْحًا شَدِيدًا، ثُمَّ قُتِلَ عَامَ الْيَرْمُوكِ شَهِيدًا فِي زَمَنِ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
[فَصْلٌ فِي فِقْهِ هَذِهِ الْقِصَّةِ]
فَصْلٌ
فِي فِقْهِ هَذِهِ الْقِصَّةِ
فِيهَا: أَنَّ عَادَةَ الْمُسْلِمِينَ كَانَتْ غُسْلَ الْإِسْلَامِ قَبْلَ دُخُولِهِمْ فِيهِ، وَقَدْ صَحَّ أَمْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ. وَأَصَحُّ الْأَقْوَالِ: وُجُوبُهُ عَلَى مَنْ أَجْنَبَ فِي حَالِ كُفْرِهِ وَمَنْ لَمْ يُجْنِبْ.
وَفِيهَا: أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يُقَلِّدَ النَّاسَ فِي الْمَدْحِ وَالذَّمِّ، وَلَا سِيَّمَا تَقْلِيدَ مَنْ يَمْدَحُ بِهَوًى وَيَذُمُّ بِهَوًى، فَكَمْ حَالَ هَذَا التَّقْلِيدُ بَيْنَ الْقُلُوبِ وَبَيْنَ الْهُدَى، وَلَمْ يَنْجُ مِنْهُ إِلَّا مَنْ سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللَّهِ الْحُسْنَى.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْمَدَدَ إِذَا لَحِقَ بِالْجَيْشِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ، أُسْهِمَ لَهُمْ.
وَمِنْهَا: وُقُوعُ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ، وَأَنَّهَا إِنَّمَا تَكُونُ لِحَاجَةٍ فِي الدِّينِ، أَوْ لِمَنْفَعَةٍ لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ، فَهَذِهِ هِيَ الْأَحْوَالُ الرَّحْمَانِيَّةُ، سَبَبُهَا مُتَابَعَةُ الرَّسُولِ، وَنَتِيجَتُهَا إِظْهَارُ الْحَقِّ وَكَسْرُ الْبَاطِلِ، وَالْأَحْوَالُ الشَّيْطَانِيَّةُ ضِدُّهَا سَبَبًا وَنَتِيجَةً.
وَمِنْهَا: التَّأَنِّي وَالصَّبْرُ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ، وَأَنْ لَا يُعَجِّلَ بِالْعُقُوبَةِ وَالدُّعَاءِ عَلَى الْعُصَاةِ، وَأَمَّا تَعْبِيرُهُ حَلْقَ رَأْسِهِ بِوَضْعِهِ، فَهَذَا لِأَنَّ حَلْقَ الرَّأْسِ وَضْعُ شَعْرِهِ عَلَى الْأَرْضِ، وَهُوَ لَا يَدُلُّ بِمُجَرَّدِهِ عَلَى وَضْعِ رَأْسِهِ، فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى خَلَاصٍ مِنْ هَمٍّ أَوْ مَرَضٍ، أَوْ شِدَّةٍ لِمَنْ يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ، وَعَلَى فَقْرٍ وَنَكَدٍ، وَزَوَالِ رِيَاسَةٍ وَجَاهٍ لِمَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ فِي مَنَامِ الطفيل قَرَائِنُ اقْتَضَتْ أَنَّهُ وَضَعَ رَأْسَهُ، مِنْهَا أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute