فَهَذِهِ الْآثَارُ إِنْ قُدِّرَ أَنَّهَا مُعَارِضَةٌ لِتِلْكَ الْآثَارِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْهُمْ فِي الصَّوْمِ فَهَذِهِ أَوْلَى لِمُوَافَقَتِهَا النُّصُوصَ الْمَرْفُوعَةَ لَفْظًا وَمَعْنًى، وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهَا لَا تَعَارُضَ بَيْنَهَا فَهَاهُنَا طَرِيقَتَانِ مِنَ الْجَمْعِ، إِحْدَاهُمَا: حَمْلُهَا عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْإِغْمَامِ أَوْ عَلَى الْإِغْمَامِ فِي آخِرِ الشَّهْرِ، كَمَا فَعَلَهُ الْمُوجِبُونَ لِلصَّوْمِ.
وَالثَّانِيَةُ: حَمْلُ آثَارِ الصَّوْمِ عَنْهُمْ عَلَى التَّحَرِّي وَالِاحْتِيَاطِ اسْتِحْبَابًا لَا وُجُوبًا، وَهَذِهِ الْآثَارُ صَرِيحَةٌ فِي نَفْيِ الْوُجُوبِ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ أَقْرَبُ إِلَى مُوَافَقَةِ النُّصُوصِ وَقَوَاعِدِ الشَّرْعِ، وَفِيهَا السَّلَامَةُ مِنَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ يَوْمَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الشَّكِّ، فَيُجْعَلُ أَحَدُهُمَا يَوْمَ شَكٍّ، وَالثَّانِي يَوْمَ يَقِينٍ، مَعَ حُصُولِ الشَّكِّ فِيهِ قَطْعًا، وَتَكْلِيفُ الْعَبْدِ اعْتِقَادَ كَوْنِهِ مِنْ رَمَضَانَ قَطْعًا، مَعَ شَكِّهِ هَلْ هُوَ مِنْهُ أَمْ لَا؟ تَكْلِيفٌ بِمَا لَا يُطَاقُ، وَتَفْرِيقٌ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ ثُبُوتُ شَوَّالٍ]
فَصْلٌ
وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرُ النَّاسَ بِالصَّوْمِ بِشَهَادَةِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ الْمُسْلِمِ، وَخُرُوجِهِمْ مِنْهُ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ.
وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ إِذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْعِيدِ أَنْ يُفْطِرَ وَيَأْمُرَهُمْ بِالْفِطْرِ، وَيُصَلِّيَ الْعِيدَ مِنَ الْغَدِ فِي وَقْتِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute