نَفْسِهِ وَتَعْظِيمِهَا، وَتَرَفُّعِهَا عَلَى غَيْرِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَجْلِهِ أَنْ تُسَمَّى " بَرَّةً "، وَقَالَ: ( «لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمُ اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ» ) ، وَعَلَى هَذَا فَتُكْرَهُ التَّسْمِيَةُ بِ: التَّقِيِّ وَالْمُتَّقِي، وَالْمُطِيعِ وَالطَّائِعِ وَالرَّاضِي، وَالْمُحْسِنِ وَالْمُخْلِصِ وَالْمُنِيبِ وَالرَّشِيدِ وَالسَّدِيدِ. وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الْكُفَّارِ بِذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ التَّمْكِينُ مِنْهُ وَلَا دُعَاؤُهُمْ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ، وَلَا الْإِخْبَارُ عَنْهُمْ بِهَا، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَغْضَبُ مِنْ تَسْمِيَتِهِمْ بِذَلِكَ.
[الْكُنْيَةُ]
فَصْلٌ
وَأَمَّا الْكُنْيَةُ فَهِيَ نَوْعُ تَكْرِيمٍ لِلْمَكْنِيِّ، وَتَنْوِيهٌ بِهِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
أَكْنِيهِ حِينَ أُنَادِيهِ لِأُكْرِمَهُ ... وَلَا أُلَقِّبُهُ وَالسَّوْءَةُ اللَّقَبُ
( «وَكَنَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صهيبا بأبي يحيى، وَكَنَّى عليا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بأبي تراب إِلَى كُنْيَتِهِ بأبي الحسن، وَكَانَتْ أَحَبَّ كُنْيَتِهِ إِلَيْهِ، وَكَنَّى أَخَا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَ صَغِيرًا دُونَ الْبُلُوغِ بأبي عمير» ) .
وَكَانَ هَدْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكْنِيَةُ مَنْ لَهُ وَلَدٌ، وَمَنْ لَا وَلَدَ لَهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى عَنْ كُنْيَةٍ إِلَّا الْكُنْيَةَ بِأَبِي الْقَاسِمِ، فَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ( «تَسَمَّوْا بِاسْمِي، وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي» ) فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute