للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوَّلًا ثُمَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَدَّةِ، أَوْ وَقَعَتْ مَرَّةً وَاحِدَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِحْدَاهُمَا؟

قِيلَ: الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ قَرِيبٌ، لِأَنَّهَا إِنْ كَانَتْ مِنَ الْأُمِّ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْجَدَّةِ فَقَضَاءُ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأُمَّ أَوْلَى.

[فصل يُقَدَّمُ الْأَبُ فِي وِلَايَةِ الْمَالِ وَالنِّكَاحِ وَتُقَدَّمُ الْأُمُّ فِي وِلَايَةِ الْحَضَانَةِ وَالرَّضَاعِ]

فصل

وَالْوِلَايَةُ عَلَى الطِّفْلِ نَوْعَانِ: نَوْعٌ يُقَدَّمُ فِيهِ الْأَبُ عَلَى الْأُمِّ وَمَنْ فِي جِهَتِهَا، وَهِيَ وِلَايَةُ الْمَالِ وَالنِّكَاحِ، وَنَوْعٌ تُقَدَّمُ فِيهِ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ، وَهِيَ وِلَايَةُ الْحَضَانَةِ وَالرَّضَاعِ، وَقُدِّمَ كُلٌّ مِنَ الْأَبَوَيْنِ فِيمَا جُعِلَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ لِتَمَامِ مَصْلَحَةِ الْوَلَدِ، وَتُوقَفُ مَصْلَحَتُهُ عَلَى مَنْ يَلِي ذَلِكَ مِنْ أَبَوَيْهِ، وَتَحْصُلُ بِهِ كِفَايَتُهُ.

وَلَمَّا كَانَ النِّسَاءُ أَعْرَفَ بِالتَّرْبِيَةِ، وَأَقْدَرَ عَلَيْهَا، وَأَصْبَرَ وَأَرْأَفَ وَأَفْرَغَ لَهَا؛ لِذَلِكَ قُدِّمَتِ الْأُمُّ فِيهَا عَلَى الْأَبِ.

وَلَمَّا كَانَ الرِّجَالُ أَقْوَمَ بِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الْوَلَدِ وَالِاحْتِيَاطِ لَهُ فِي الْبُضْعِ، قُدِّمَ الْأَبُ فِيهَا عَلَى الْأُمِّ، فَتَقْدِيمُ الْأُمِّ فِي الْحَضَانَةِ مِنْ مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ وَالِاحْتِيَاطِ لِلْأَطْفَالِ، وَالنَّظَرِ لَهُمْ، وَتَقْدِيمُ الْأَبِ فِي وِلَايَةِ الْمَالِ وَالتَّزْوِيجِ كَذَلِكَ.

إِذَا عُرِفَ هَذَا فَهَلْ قُدِّمَتِ الْأُمُّ لِكَوْنِ جِهَتِهَا مُقَدَّمَةً عَلَى جِهَةِ الْأُبُوَّةِ فِي الْحَضَانَةِ، فَقُدِّمَتْ لِأَجْلِ الْأُمُومَةِ، أَوْ قُدِّمَتْ عَلَى الْأَبِ، لِكَوْنِ النِّسَاءِ أَقْوَمَ بِمَقَاصِدِ الْحَضَانَةِ وَالتَّرْبِيَةِ مِنَ الذُّكُورِ، فَيَكُونُ تَقْدِيمُهَا لِأَجْلِ الْأُنُوثَةِ؟ فَفِي هَذَا لِلنَّاسِ قَوْلَانِ، وَهُمَا فِي مَذْهَبِ أحمد يَظْهَرُ أَثَرُهُمَا فِي تَقْدِيمِ نِسَاءِ الْعَصَبَةِ عَلَى أَقَارِبِ الْأُمِّ أَوْ بِالْعَكْسِ، كَأُمِّ الْأُمِّ، وَأُمِّ الْأَبِ، وَالْأُخْتِ مِنَ الْأَبِ، وَالْأُخْتِ مِنَ الْأُمِّ، وَالْخَالَةِ، وَالْعَمَّةِ، وَخَالَةِ الْأُمِّ، وَخَالَةِ الْأَبِ، وَمَنْ يُدْلِي مِنَ الْخَالَاتِ وَالْعَمَّاتِ بِأُمٍّ، وَمَنْ يُدْلِي مِنْهُنَّ بِأَبٍ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. إِحْدَاهُمَا: تَقْدِيمُ أَقَارِبِ الْأُمِّ عَلَى أَقَارِبِ الْأَبِ. وَالثَّانِيَةُ وَهِيَ أَصَحُّ دَلِيلًا وَاخْتِيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ: تَقْدِيمُ أَقَارِبِ الْأَبِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ فِي " مُخْتَصَرِهِ " فَقَالَ: وَالْأُخْتُ مِنَ الْأَبِ أَحَقُّ مِنَ الْأُخْتِ مِنَ الْأُمِّ وَأَحَقُّ مِنَ الْخَالَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>