وَأَضْعَفُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثُ الْآخَرُ عَنْ أنس: «كَانَ رَجُلٌ يَمُرُّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَيَقُولُ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ وَرِضْوَانُهُ "، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُسَلِّمُ عَلَى هَذَا سَلَامًا مَا تُسَلِّمُهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِكَ؟ فَقَالَ: " وَمَا يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ يَنْصَرِفُ بِأَجْرِ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، وَكَانَ يَرْعَى عَلَى أَصْحَابِهِ» )
[فَصْلٌ السَّلَامُ ثَلَاثًا]
فَصْلٌ
وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسَلِّمَ ثَلَاثًا كَمَا فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " عَنْ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ( «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ، وَإِذَا أَتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سَلَّمَ ثَلَاثًا» ) وَلَعَلَّ هَذَا كَانَ هَدْيَهُ فِي السَّلَامِ عَلَى الْجَمْعِ الْكَثِيرِ الَّذِينَ لَا يَبْلُغُهُمْ سَلَامٌ وَاحِدٌ، أَوْ هَدْيَهُ فِي إِسْمَاعِ السَّلَامِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، إِنْ ظَنَّ أَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ الْإِسْمَاعُ كَمَا سَلَّمَ لَمَّا «انْتَهَى إِلَى مَنْزِلِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ثَلَاثًا، فَلَمَّا لَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ رَجَعَ» وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ هَدْيُهُ الدَّائِمُ التَّسْلِيمَ ثَلَاثًا لَكَانَ أَصْحَابُهُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ، وَكَانَ يُسَلِّمُ عَلَى كُلِّ مَنْ لَقِيَهُ ثَلَاثًا، وَإِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ ثَلَاثًا، وَمَنْ تَأَمَّلَ هَدْيَهُ عَلِمَ أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَنَّ تَكْرَارَ السَّلَامِ كَانَ مِنْهُ أَمْرًا عَارِضًا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute