للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحَلْقَةَ، وَهِيَ السِّلَاحُ، وَكَانَتْ بَنُو النَّضِيرِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَوَائِبِهِ وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُخَمِّسْهَا لِأَنَّ اللَّهَ أَفَاءَهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهَا بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ. وَخَمَّسَ قُرَيْظَةَ.

قَالَ مالك: خَمَّسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْظَةَ، وَلَمْ يُخَمِّسْ بَنِي النَّضِيرِ، لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُوجِفُوا بِخَيْلِهِمْ وَلَا رِكَابِهِمْ عَلَى بَنِي النَّضِيرِ، كَمَا أَوْجَفُوا عَلَى قُرَيْظَةَ وَأَجْلَاهُمْ إِلَى خَيْبَرَ، وَفِيهِمْ حيي بن أخطب كَبِيرُهُمْ، وَقَبَضَ السِّلَاحَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى أَرْضِهِمْ وَدِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، فَوَجَدَ مِنَ السِّلَاحِ خَمْسِينَ دِرْعًا، وَخَمْسِينَ بَيْضَةً، وَثَلَاثَمِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ سَيْفًا، وَقَالَ: ( «هَؤُلَاءِ فِي قَوْمِهِمْ بِمَنْزِلَةِ بَنِي الْمُغِيرَةِ فِي قُرَيْشٍ» ) وَكَانَتْ قِصَّتُهُمْ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ.

[فصل في نَقْضُ قُرَيْظَةَ الْعَهْدَ]

فَصْلٌ

وَأَمَّا قُرَيْظَةُ، فَكَانَتْ أَشَدَّ الْيَهُودِ عَدَاوَةً لِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَغْلَظَهُمْ كُفْرًا، وَلِذَلِكَ جَرَى عَلَيْهِمْ مَا لَمْ يَجْرِ عَلَى إِخْوَانِهِمْ.

وَكَانَ سَبَبُ غَزْوِهِمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَرَجَ إِلَى غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ وَالْقَوْمُ مَعَهُ صُلْحٌ، جَاءَ حيي بن أخطب إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فِي دِيَارِهِمْ، فَقَالَ: قَدْ جِئْتُكُمْ بِعِزِّ الدَّهْرِ، جِئْتُكُمْ بِقُرَيْشٍ عَلَى سَادَتِهَا، وَغَطَفَانَ عَلَى قَادَتِهَا، وَأَنْتُمْ أَهْلُ الشَّوْكَةِ وَالسِّلَاحِ، فَهَلُمَّ حَتَّى نُنَاجِزَ مُحَمَّدًا وَنَفْرُغَ مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ رَئِيسُهُمْ: بَلْ جِئْتَنِي وَاللَّهِ بِذُلِّ الدَّهْرِ، جِئْتَنِي بِسَحَابٍ قَدْ أَرَاقَ مَاءَهُ، فَهُوَ يَرْعُدُ وَيَبْرُقُ، فَلَمْ يَزَلْ حيي

<<  <  ج: ص:  >  >>