جِنْسِ خَوَاصِّ الْأَغْذِيَةِ الْمُفْرِحَةِ فَإِنَّ مِنَ الْأَغْذِيَةِ مَا يُفْرِحُ بِالْخَاصِّيَّةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ قُوَى الْحَزِينِ تَضْعُفُ بِاسْتِيلَاءِ الْيُبْسِ عَلَى أَعْضَائِهِ، وَعَلَى مَعِدَتِهِ خَاصَّةً لِتَقْلِيلِ الْغِذَاءِ، وَهَذَا الْحِسَاءُ يُرَطِّبُهَا وَيُقَوِّيهَا وَيُغَذِّيهَا، وَيَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ بِفُؤَادِ الْمَرِيضِ، لَكِنَّ الْمَرِيضَ كَثِيرًا مَا يَجْتَمِعُ فِي مَعِدَتِهِ خَلْطٌ مَرَارِيٌّ، أَوْ بَلْغَمِيٌّ أَوْ صَدِيدِيٌّ، وَهَذَا الْحِسَاءُ يَجْلُو ذَلِكَ عَنِ الْمَعِدَةِ وَيَسْرُوهُ وَيَحْدُرُهُ وَيُمَيِّعُهُ وَيُعَدِّلُ كَيْفِيَّتَهُ وَيَكْسِرُ سَوْرَتَهُ، فَيُرِيحُهَا وَلَا سِيَّمَا لِمَنْ عَادَتُهُ الِاغْتِذَاءُ بِخُبْزِ الشَّعِيرِ، وَهِيَ عَادَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِذْ ذَاكَ، وَكَانَ هُوَ غَالِبَ قُوتِهِمْ، وَكَانَتِ الْحِنْطَةُ عَزِيزَةً عِنْدَهُمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[فصل هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِلَاجِ السُّمِّ الَّذِي أَصَابَهُ بِخَيْبَرَ مِنَ الْيَهُودِ]
فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِلَاجِ السُّمِّ الَّذِي أَصَابَهُ بِخَيْبَرَ مِنَ الْيَهُودِ
ذَكَرَ عبد الرزاق عَنْ معمر عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عبد الرحمن بن كعب بن مالك: ( «أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةً مَصْلِيَّةً بِخَيْبَرَ، فَقَالَ: " مَا هَذِهِ "؟ قَالَتْ: هَدِيَّةٌ وَحَذِرَتْ أَنْ تَقُولَ: مِنَ الصَّدَقَةِ، فَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا، فَأَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكَلَ الصَّحَابَةُ، ثُمَّ قَالَ: " أَمْسِكُوا "، ثُمَّ قَالَ لِلْمَرْأَةِ: " هَلْ سَمَمْتِ هَذِهِ الشَّاةَ "؟ قَالَتْ: مَنْ أَخْبَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: " هَذَا الْعَظْمُ لِسَاقِهَا " وَهُوَ فِي يَدِهِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: " لِمَ "؟ قَالَتْ: أَرَدْتُ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا أَنْ يَسْتَرِيحَ مِنْكَ النَّاسُ، وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا، لَمْ يَضُرَّكَ، قَالَ فَاحْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةً عَلَى الْكَاهِلِ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَحْتَجِمُوا، فَاحْتَجَمُوا، فَمَاتَ بَعْضُهُمْ» ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute