للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا مَجْمُوعُ مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى التَّخْصِيصِ بِالصَّحَابَةِ.

قَالَ الْمُجَوِّزُونَ لِلْفَسْخِ وَالْمُوجِبُونَ لَهُ: لَا حُجَّةَ لَكُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ هَذِهِ الْآثَارَ بَيْنَ بَاطِلٍ لَا يَصِحُّ عَمَّنْ نُسِبَ إِلَيْهِ الْبَتَّةَ، وَبَيْنَ صَحِيحٍ عَنْ قَائِلٍ غَيْرِ مَعْصُومٍ لَا تُعَارَضُ بِهِ نُصُوصُ الْمَعْصُومِ.

أَمَّا الْأَوَّلُ: فَإِنَّ المرقع لَيْسَ مِمَّنْ تَقُومُ بِرِوَايَتِهِ حُجَّةٌ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى النُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ غَيْرِ الْمَدْفُوعَةِ. وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: - وَقَدْ عُورِضَ بِحَدِيثِهِ - وَمَنِ المرقع الأسدي؟ وَقَدْ رَوَى أبو ذر عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - الْأَمْرَ بِفَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ. وَغَايَةُ مَا نُقِلَ عَنْهُ - إِنْ صَحَّ - أَنَّ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِالصَّحَابَةِ فَهُوَ رَأْيُهُ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ: إِنَّ ذَلِكَ عَامٌّ لِلْأُمَّةِ، فَرَأْيُ أبي ذر مُعَارَضٌ بِرَأْيِهِمَا.

وَسَلِمَتِ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ، ثُمَّ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ دَعْوَى الِاخْتِصَاصِ بَاطِلَةٌ بِنَصِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ تِلْكَ الْعُمْرَةَ الَّتِي وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَكَانَتْ عُمْرَةَ فَسْخٍ لِأَبَدِ الْأَبَدِ، لَا تَخْتَصُّ بِقَرْنٍ دُونَ قَرْنٍ وَهَذَا أَصَحُّ سَنَدًا مِنَ الْمَرْوِيِّ عَنْ أبي ذر وَأَوْلَى أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ مِنْهُ لَوْ صَحَّ عَنْهُ.

[الْأَصْلُ فِي الْمَسَائِلِ الْإِحْكَامُ حَتَّى يَثْبُتَ نَسْخُهَا أَوِ اخْتِصَاصُهَا بِأَحَدٍ]

وَأَيْضًا، فَإِذَا رَأَيْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَدِ اخْتَلَفُوا فِي أَمْرٍ قَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ فَعَلَهُ وَأَمَرَ بِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ مَنْسُوخٌ أَوْ خَاصٌّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ بَاقٍ إِلَى الْأَبَدِ، فَقَوْلُ مَنِ ادَّعَى نَسْخَهُ أَوِ اخْتِصَاصَهُ مُخَالِفٌ لِلْأَصْلِ، فَلَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبُرْهَانٍ، وَإِنَّ أَقَلَّ مَا فِي الْبَابِ مُعَارَضَتُهُ بِقَوْلِ مَنِ ادَّعَى بَقَاءَهُ وَعُمُومَهُ، وَالْحُجَّةُ تَفْصِلُ بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ، وَالْوَاجِبُ الرَّدُّ عِنْدَ التَّنَازُعِ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. فَإِذَا قَالَ أبو ذر وعثمان: إِنَّ الْفَسْخَ مَنْسُوخٌ أَوْ خَاصٌّ، وَقَالَ أبو موسى وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّهُ بَاقٍ وَحُكْمُهُ عَامٌّ، فَعَلَى مَنِ ادَّعَى النَّسْخَ وَالِاخْتِصَاصَ الدَّلِيلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>