وَالصَّوَابُ: أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعًا مِنْ حِينِ أَنْشَأَ الْإِحْرَامَ، وَلَمْ يَحِلَّ حَتَّى حَلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا، فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، وَسَعَى لَهُمَا سَعْيًا وَاحِدًا. وَسَاقَ الْهَدْيَ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ الْمُسْتَفِيضَةُ الَّتِي تَوَاتَرَتْ تَوَاتُرًا يَعْلَمُهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ فِي أَعْذَارِ الْقَائِلِينَ بِهَذِهِ الْأَقْوَالِ وَبَيَانِ مَنْشَأِ الْوَهْمِ وَالْغَلَطِ]
فَصْلٌ
فِي أَعْذَارِ الْقَائِلِينَ بِهَذِهِ الْأَقْوَالِ وَبَيَانِ مَنْشَأِ الْوَهْمِ وَالْغَلَطِ
أَمَّا عُذْرُ مَنْ قَالَ: اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ، فَحَدِيثُ عبد الله بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَدْ غَلَّطَتْهُ عائشة وَغَيْرُهَا، كَمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " «عَنْ مجاهد، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَسْجِدَ فَإِذَا عبد الله بن عمر جَالِسًا إِلَى حُجْرَةِ عائشة، وَإِذَا نَاسٌ يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ صَلَاةَ الضُّحَى، قَالَ: فَسَأَلْنَاهُ عَنْ صَلَاتِهِمْ. فَقَالَ: بِدْعَةٌ. ثُمَّ قُلْنَا لَهُ: كَمِ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: (أَرْبَعًا. إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ، فَكَرِهْنَا أَنْ نَرُدَّ عَلَيْهِ) »
قَالَ: وَسَمِعْنَا اسْتِنَانَ عائشة أم المؤمنين فِي الْحُجْرَةِ، فَقَالَ عروة: يَا أُمَّهْ، أَوْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَا تَسْمَعِينَ مَا يَقُولُ أبو عبد الرحمن؟ قَالَتْ: مَا يَقُولُ؟ قَالَ: يَقُولُ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ، إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ. قَالَتْ يَرْحَمُ اللَّهُ أبا عبد الرحمن، مَا اعْتَمَرَ عُمْرَةً قَطُّ إِلَّا وَهُوَ شَاهِدٌ، وَمَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ قَطُّ» )
وَكَذَلِكَ قَالَ أنس، وَابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ عُمَرَهُ كُلَّهَا كَانَتْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ.
[عُذْرُ مَنْ قَالَ اعْتَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَوَّالٍ]
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: اعْتَمَرَ فِي شَوَّالٍ، فَعُذْرُهُ مَا رَوَاهُ مالك فِي " الْمُوَطَّأِ "، عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute