إِنَّمَا سَأَلَهُ الْوِلَايَةَ لِحَظِّ نَفْسِهِ وَمَصْلَحَتِهِ هُوَ فَمَنَعَهُ مِنْهَا، فَوَلَّى لِلْمَصْلَحَةِ وَمَنَعَ لِلْمَصْلَحَةِ فَكَانَتْ تَوْلِيَتُهُ لِلَّهِ وَمَنْعُهُ لِلَّهِ.
وَفِيهَا: جَوَازُ شِكَايَةِ الْعُمَّالِ الظَّلَمَةِ وَرَفْعِهِمْ إِلَى الْإِمَامِ، وَالْقَدْحِ فِيهِمْ بِظُلْمِهِمْ، وَأَنَّ تَرْكَ الْوِلَايَةِ خَيْرٌ لِلْمُسْلِمِ مِنَ الدُّخُولِ فِيهَا، وَأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا ذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ أُعْطِيَ مِنْهَا بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ خِلَافُهُ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَحْدَهُ صِنْفًا مِنَ الْأَصْنَافِ لِقَوْلِهِ ( «إِنَّ اللَّهَ جَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ فَإِنْ كُنْتَ جُزْءًا مِنْهَا أَعْطَيْتُكَ» )
وَمِنْهَا: جَوَازُ إِقَالَةِ الْإِمَامِ لِوِلَايَةِ مَنْ وَلَّاهُ إِذَا سَأَلَهُ ذَلِكَ.
وَمِنْهَا: اسْتِشَارَةُ الْإِمَامِ لِذِي الرَّأْيِ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيمَنْ يُوَلِّيهِ.
وَمِنْهَا: جَوَازُ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمُبَارَكِ، وَأَنَّ بَرَكَتَهُ لَا تُوجِبُ كَرَاهَةَ الْوُضُوءِ مِنْهُ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يُكْرَهُ الْوُضُوءُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، وَلَا مِنَ الْمَاءِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ غَسَّانَ]
وَقَدِمُوا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ عَشْرٍ وَهُمْ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فَأَسْلَمُوا وَقَالُوا: لَا نَدْرِي أَيَتْبَعُنَا قَوْمُنَا أَمْ لَا؟ وَهُمْ يُحِبُّونَ بَقَاءَ مُلْكِهِمْ، وَقُرْبَ قَيْصَرَ، فَأَجَازَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَوَائِزَ وَانْصَرَفُوا رَاجِعِينَ، فَقَدِمُوا عَلَى قَوْمِهِمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَكَتَمُوا إِسْلَامَهُمْ حَتَّى مَاتَ مِنْهُمْ رَجُلَانِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَأَدْرَكَ الثَّالِثُ مِنْهُمْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَامَ الْيَرْمُوكِ، فَلَقِيَ أبا عبيدة فَأَخْبَرَهُ بِإِسْلَامِهِ فَكَانَ يُكْرِمُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute