للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرْجُوهُ بَعْدَ هَذَا، وَأَيَّ شَرٍّ يَأْمَنُهُ، وَكَيْفَ حَيَاةُ عَبْدٍ قَدْ حَلَّتْ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَمَقْتُهُ، وَأَعْرَضَ عَنْهُ بِوَجْهِهِ، وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهِ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ يَذْهَبُ بِالْحَيَاءِ جُمْلَةً، وَالْحَيَاءُ هُوَ حَيَاةُ الْقُلُوبِ، فَإِذَا فَقَدَهَا الْقَلْبُ، اسْتَحْسَنَ الْقَبِيحَ وَاسْتَقْبَحَ الْحَسَنَ، وَحِينَئِذٍ فَقَدِ اسْتَحْكَمَ فَسَادُهُ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ يُحِيلُ الطِّبَاعَ عَمَّا رَكَّبَهَا اللَّهُ، وَيُخْرِجُ الْإِنْسَانَ عَنْ طَبْعِهِ إِلَى طَبْعٍ لَمْ يُرَكِّبِ اللَّهُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ، بَلْ هُوَ طَبْعٌ مَنْكُوسٌ، وَإِذَا نُكِسَ الطَّبْعُ انْتَكَسَ الْقَلْبُ وَالْعَمَلُ وَالْهُدَى، فَيَسْتَطِيبُ حِينَئِذٍ الْخَبِيثَ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْهَيْئَاتِ، وَيَفْسُدُ حَالُهُ وَعَمَلُهُ وَكَلَامُهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ يُورِثُ مِنَ الْوَقَاحَةِ وَالْجُرْأَةِ مَا لَا يُورِثُهُ سِوَاهُ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ يُورِثُ مِنَ الْمَهَانَةِ وَالسِّفَالِ وَالْحَقَارَةِ مَا لَا يُورِثُهُ غَيْرُهُ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ يَكْسُو الْعَبْدَ مِنْ حُلَّةِ الْمَقْتِ وَالْبَغْضَاءِ، وَازْدِرَاءِ النَّاسِ لَهُ، وَاحْتِقَارِهِمْ إِيَّاهُ، وَاسْتِصْغَارِهِمْ لَهُ مَا هُوَ مُشَاهَدٌ بِالْحِسِّ، فَصَلَاةُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَى مَنْ سَعَادَةُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فِي هَدْيِهِ وَاتِّبَاعِ مَا جَاءَ بِهِ، وَهَلَاكُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فِي مُخَالَفَةِ هَدْيِهِ وَمَا جَاءَ بِهِ.

[فَصْلٌ أَنْوَاعُ الْجِمَاعِ الضَّارِّ]

فَصْلٌ

وَالْجِمَاعُ الضَّارُّ نَوْعَانِ: ضَارٌّ شَرْعًا، وَضَارٌّ طَبْعًا. فَالضَّارُّ شَرْعًا: الْمُحَرَّمُ، وَهُوَ مَرَاتِبُ بَعْضُهَا أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ. وَالتَّحْرِيمُ الْعَارِضُ مِنْهُ أَخَفُّ مِنَ اللَّازِمِ، كَتَحْرِيمِ الْإِحْرَامِ، وَالصِّيَامِ، وَالِاعْتِكَافِ، وَتَحْرِيمِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ، وَتَحْرِيمِ وَطْءِ الْحَائِضِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلِهَذَا لَا حَدَّ فِي هَذَا الْجِمَاعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>