عَامٌّ، وَالْحُكْمُ بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ خَاصٌّ، وَيَجُوزُ تَخْصِيصُ عُمُومِ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ، وَنَظَائِرُهُ مَعْلُومَةٌ وَلَا يُمْكِنُ دَفْعُهَا.
وَقَوْلُهُ: " لَا يُجْعَلُ شَيْءٌ مِنَ الْغَنِيمَةِ لِغَيْرِ أَهْلِهَا بِالِاحْتِمَالِ "، جَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّا لَمْ نَجْعَلِ السَّلَبَ لِغَيْرِ الْغَانِمِينَ. الثَّانِي: إِنَّمَا جَعَلْنَاهُ لِلْقَاتِلِ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا بِالِاحْتِمَالِ، وَلَمْ يُؤَخِّرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمَ الْآيَةِ إِلَى يَوْمِ حُنَيْنٍ كَمَا ذَكَرْتُمْ، بَلْ قَدْ حَكَمَ بِذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَلَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ قَالَهُ بَعْدَ الْقِتَالِ مِنَ اسْتِحْقَاقِهِ بِالْقَتْلِ.
وَأَمَّا كَوْنُ أبي قتادة لَمْ يَطْلُبْهُ حَتَّى سَمِعَ مُنَادِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُتَقَرِّرًا مَعْلُومًا، وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ أَبُو قَتَادَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَأْخُذُهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ، فَلَمَّا شَهِدَ لَهُ بِهِ شَاهِدٌ أَعْطَاهُ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُكْتَفَى فِي هَذَا بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى شَاهِدٍ آخَرَ وَلَا يَمِينٍ، كَمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ الَّتِي لَا مُعَارِضَ لَهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي مَوْضِعِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " إِنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْقَاتِلِ لَوَقَفَ وَلَمْ يُقَسَّمْ كَاللُّقَطَةِ " فَجَوَابُهُ أَنَّهُ لِلْغَانِمِينَ وَإِنَّمَا لِلْقَاتِلِ حَقُّ التَّقْدِيمِ، فَإِذَا لَمْ تُعْلَمْ عَيْنُ الْقَاتِلِ اشْتَرَكَ فِيهِ الْغَانِمُونَ، فَإِنَّهُ حَقُّهُمْ وَلَمْ يَظْهَرْ مُسْتَحِقُّ التَّقْدِيمِ مِنْهُمْ فَاشْتَرَكُوا فِيهِ.
[فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا حَازَهُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ أَوْ أَسْلَمَ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ]
فِي " الْبُخَارِيِّ ": أَنَّ فَرَسًا لِابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَهَبَ وَأَخَذَهُ الْعَدُوُّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَرُدَّ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَقَ لَهُ عَبْدٌ فَلَحِقَ بِالرُّومِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ خالد فِي زَمَنِ أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute