وَرَوَى النَّسَائِيُّ فِي " سُنَنِهِ " هَذَا الْحَدِيثَ بِطُرُقِهِ وَأَلْفَاظِهِ، وَفِي بَعْضِهَا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ لَا مَطْعَنَ فِيهِ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( «إِنَّمَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى لِلْمَرْأَةِ إِذَا كَانَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ» ) ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ: «فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، قَالَتْ: (فَلَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً) وَقَالَ: (إِنَّمَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ لِمَنْ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ) » . وَرَوَى النَّسَائِيُّ أَيْضًا هَذَا اللَّفْظَ، وَإِسْنَادُهُمَا صَحِيحٌ.
[ذِكْرُ مُوَافَقَةِ هَذَا الْحُكْمِ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ]
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا - فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [الطلاق: ١ - ٢] إِلَى قَوْلِهِ: {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: ٣] [الطَّلَاقِ: ١ - ٣] فَأَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْأَزْوَاجَ الَّذِينَ لَهُمْ عِنْدَ بُلُوغِ الْأَجَلِ الْإِمْسَاكُ وَالتَّسْرِيحُ بِأَنْ لَا يُخْرِجُوا أَزْوَاجَهُمْ مِنْ بُيُوتِهِمْ، وَأَمَرَ أَزْوَاجَهُنَّ أَنْ لَا يَخْرُجْنَ، فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ إِخْرَاجِ مَنْ لَيْسَ لِزَوْجِهَا إِمْسَاكُهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ لِهَؤُلَاءِ الْمُطَلَّقَاتِ أَحْكَامًا مُتَلَازِمَةً لَا يَنْفَكُّ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ.
أَحَدُهَا: أَنَّ الْأَزْوَاجَ لَا يُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُنَّ لَا يَخْرُجْنَ مِنْ بُيُوتِ أَزْوَاجِهِنَّ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ لِأَزْوَاجِهِنَّ إِمْسَاكَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ، وَتَرْكَ الْإِمْسَاكِ، فَيُسَرِّحُوهُنَّ بِإِحْسَانٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute