وَكَانَ أَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ لَمْ يَأْمُرِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلِهِ حَيَاءً مِنْ عثمان، وَلَمْ يُبَايِعْهُ لِيَقُومَ إِلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَيَقْتُلَهُ، فَهَابُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُقْدِمُوا عَلَى قَتْلِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَاسْتَحْيَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عثمان، وَسَاعَدَ الْقَدَرُ السَّابِقُ لِمَا يُرِيدُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بعبد الله مِمَّا ظَهَرَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْفُتُوحِ، فَبَايَعَهُ وَكَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ بِقَوْلِهِ: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ - أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ - خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ - إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: ٨٦ - ٨٩] [آلِ عِمْرَانَ: ٨٦ - ٨٩] ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( «مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ» ) ، أَيْ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُخَالِفُ ظَاهِرُهُ بَاطِنَهُ، وَلَا سِرُّهُ عَلَانِيَتَهُ، وَإِذَا نَفَذَ حُكْمُ اللَّهِ وَأَمْرُهُ لَمْ يُومِ بِهِ، بَلْ صَرَّحَ بِهِ، وَأَعْلَنَهُ، وَأَظْهَرَهُ.
[فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ وَتُسَمَّى غَزْوَةَ أَوْطَاسٍ]
[تسميتها بأوطاس وهوازن]
فَصْلٌ
فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ وَتُسَمَّى غَزْوَةَ أَوْطَاسٍ
وَهُمَا مَوْضِعَانِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ، فَسُمِّيَتِ الْغَزْوَةُ بِاسْمِ مَكَانِهَا، وَتُسَمَّى غَزْوَةَ هَوَازِنَ، لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ أَتَوْا لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلَمَّا سَمِعَتْ هَوَازِنُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ مَكَّةَ، جَمَعَهَا مالك بن عوف النصري، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ مَعَ هَوَازِنَ ثَقِيفٌ كُلُّهَا، وَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ مُضَرُ وَجُشَمُ كُلُّهَا، وسعد بن بكر، وَنَاسٌ مِنْ بَنِي هِلَالٍ، وَهُمْ قَلِيلٌ، وَلَمْ يَشْهَدْهَا مِنْ قَيْسِ عَيْلَانَ إِلَّا هَؤُلَاءِ، وَلَمْ يَحْضُرْهَا مِنْ هَوَازِنَ كَعْبٌ، وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute