" سُنَنِهِ ".
وَذَكَرَ أبو نعيم عَنْهُ أَنَّهُ ( «كَانَ يَنْهَى عَنِ النَّوْمِ عَلَى الْأَكْلِ، وَيَذْكُرُ أَنَّهُ يُقَسِّي الْقَلْبَ» ) ، وَلِهَذَا فِي وَصَايَا الْأَطِبَّاءِ لِمَنْ أَرَادَ حِفْظَ الصِّحَّةِ أَنْ يَمْشِيَ بَعْدَ الْعَشَاءِ خُطُوَاتٍ وَلَوْ مِائَةَ خُطْوَةٍ، وَلَا يَنَامُ عَقِبَهُ، فَإِنَّهُ مُضِرٌّ جِدًّا، وَقَالَ مُسْلِمُوهُمْ: أَوْ يُصَلِّي عَقِيبَهُ لِيَسْتَقِرَّ الْغِذَاءُ بِقَعْرِ الْمَعِدَةِ، فَيَسْهُلَ هَضْمُهُ، وَيَجُودَ بِذَلِكَ.
وَلَمْ يَكُنْ مِنْ هَدْيِهِ أَنْ يَشْرَبَ عَلَى طَعَامِهِ فَيُفْسِدَهُ، وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ الْمَاءُ حَارًّا أَوْ بَارِدًا، فَإِنَّهُ رَدِيءٌ جِدًّا. قَالَ الشَّاعِرُ:
لَا تَكُنْ عِنْدَ أَكْلِ سُخْنٍ وَبَرْدٍ ... وَدُخُولِ الْحَمَّامِ تَشْرَبُ مَاءَ
فَإِذَا مَا اجْتَنَبْتَ ذَلِكَ حَقًّا ... لَمْ تَخَفْ مَا حَيِيتَ فِي الْجَوْفِ دَاءَ
وَيُكْرَهُ شُرْبُ الْمَاءِ عَقِيبَ الرِّيَاضَةِ، وَالتَّعَبِ، وَعَقِيبَ الْجِمَاعِ، وَعَقِيبَ الطَّعَامِ وَقَبْلَهُ، وَعَقِيبَ أَكْلِ الْفَاكِهَةِ، وَإِنْ كَانَ الشُّرْبُ عَقِيبَ بَعْضِهَا أَسْهَلَ مِنْ بَعْضٍ، وَعَقِبَ الْحَمَّامِ، وَعِنْدَ الِانْتِبَاهِ مِنَ النَّوْمِ، فَهَذَا كُلُّهُ مُنَافٍ لِحِفْظِ الصِّحَّةِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِالْعَوَائِدِ، فَإِنَّهَا طَبَائِعُ ثَوَانٍ.
[فَصْلٌ هَدْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّرَابِ]
فَصْلٌ
وَأَمَّا هَدْيُهُ فِي الشَّرَابِ، فَمِنْ أَكْمَلِ هَدْيٍ يُحْفَظُ بِهِ الصِّحَّةُ، فَإِنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ الْعَسَلَ الْمَمْزُوجَ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ، وَفِي هَذَا مِنْ حِفْظِ الصِّحَّةِ مَا لَا يَهْتَدِي إِلَى مَعْرِفَتِهِ إِلَّا أَفَاضِلُ الْأَطِبَّاءِ، فَإِنَّ شُرْبَهُ وَلَعْقَهُ عَلَى الرِّيقِ يُذِيبُ الْبَلْغَمَ وَيَغْسِلُ خَمْلَ الْمَعِدَةِ، وَيَجْلُو لُزُوجَتَهَا، وَيَدْفَعُ عَنْهَا الْفَضَلَاتِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute