الْمَكَانِ، قَدْ سَبَقَ إِلَى مَكَانٍ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، فَفِي هَذَا أَنَّ الْحَيَوَانَ الْمُحْتَرَمَ إِذَا سَبَقَ إِلَى مَكَانٍ، لَمْ يُزْعَجْ عَنْهُ.
[فصل لَا تُمْلَكُ لُقَطَةُ الْحَرَمِ]
فَصْلٌ
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «وَلَا يُلْتَقَطُ سَاقِطَتُهَا إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا» ) . وَفِي لَفْظٍ: ( «وَلَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ» ) ، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لُقَطَةَ الْحَرَمِ لَا تُمْلَكُ بِحَالٍ، وَأَنَّهَا لَا تُلْتَقَطُ إِلَّا لِلتَّعْرِيفِ لَا لِلتَّمْلِيكِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ مَكَّةَ بِذَلِكَ فَائِدَةٌ أَصْلًا، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ مالك وأبو حنيفة: لُقَطَةُ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ سَوَاءٌ، وَهَذَا إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أحمد، وَأَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وعائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَقَالَ أحمد فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ: لَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهَا لِلتَّمْلِيكِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِحِفْظِهَا لِصَاحِبِهَا، فَإِنِ الْتَقَطَهَا عَرَّفَهَا أَبَدًا حَتَّى يَأْتِيَ صَاحِبُهَا، وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وأبي عبيد، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَالْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِيهِ، وَالْمُنْشِدُ الْمُعَرِّفُ وَالنَّاشِدُ الطَّالِبُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
إِصَاخَةُ النَّاشِدِ لِلْمُنْشِدِ
وَقَدْ رَوَى أبو داود فِي " سُنَنِهِ ": أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( «نَهَى عَنْ لُقَطَةِ الْحَاجِّ» ) وَقَالَ ابن وهب: يَعْنِي يَتْرُكُهَا حَتَّى يَجِدَهَا صَاحِبُهَا.
قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذَا مِنْ خَصَائِصِ مَكَّةَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَائِرِ الْآفَاقِ فِي ذَلِكَ: أَنَّ النَّاسَ يَتَفَرَّقُونَ عَنْهَا إِلَى الْأَقْطَارِ الْمُخْتَلِفَةِ، فَلَا يَتَمَكَّنُ صَاحِبُ الضَّالَّةِ مِنْ طَلَبِهَا وَالسُّؤَالِ عَنْهَا، بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute