[الرد على من زعم أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حج متمتعا]
فَصْلٌ
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: حَجَّ مُتَمَتِّعًا تَمَتُّعًا لَمْ يَحِلَّ مِنْهُ لِأَجْلِ سَوْقِ الْهَدْيِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ " الْمُغْنِي " وَطَائِفَةٌ، فَعُذْرُهُمْ قَوْلُ عائشة وَابْنِ عُمَرَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُ حفصة: مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِكَ، وَقَوْلُ سعد فِي الْمُتْعَةِ: قَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ، «وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ: هِيَ حَلَالٌ، فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: إِنَّ أَبَاكَ قَدْ نَهَى عَنْهَا، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَبِي نَهَى عَنْهَا، وَصَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، أَأَمْرَ أَبِي تَتْبَعُ، أَمْ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: بَلْ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (لَقَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) » .
قَالَ هَؤُلَاءِ: وَلَوْلَا الْهَدْيُ لَحَلَّ كَمَا يَحِلُّ الْمُتَمَتِّعُ الَّذِي لَا هَدْيَ مَعَهُ، وَلِهَذَا قَالَ: " «لَوْلَا أَنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ» "، فَأَخْبَرَ أَنَّ الْمَانِعَ لَهُ مِنَ الْحِلِّ سَوْقُ الْهَدْيِ، وَالْقَارِنُ إِنَّمَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْحِلِّ الْقِرَانُ لَا الْهَدْيُ. وَأَرْبَابُ هَذَا الْقَوْلِ قَدْ يُسَمُّونَ هَذَا الْمُتَمَتِّعَ قَارِنًا، لِكَوْنِهِ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ التَّحَلُّلِ مِنَ الْعُمْرَةِ وَلَكِنَّ الْقِرَانَ الْمَعْرُوفَ أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا جَمِيعًا، أَوْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ يُدْخِلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ قَبْلَ الطَّوَافِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَارِنِ وَالْمُتَمَتِّعِ السَّائِقِ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: مِنَ الْإِحْرَامِ، فَإِنَّ الْقَارِنَ هُوَ الَّذِي يُحْرِمُ بِالْحَجِّ قَبْلَ الطَّوَافِ، إِمَّا فِي ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ، أَوْ فِي أَثْنَائِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْقَارِنَ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا سَعْيٌ وَاحِدٌ، فَإِنْ أَتَى بِهِ أَوَّلًا، وَإِلَّا سَعَى عَقِيبَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، وَالْمُتَمَتِّعُ عَلَيْهِ سَعْيٌ ثَانٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَعَنْ أحمد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute