يَوْمَ عَرَفَةَ حَائِضًا، وَهُمَا أَقْرَبُ النَّاسِ مِنْهَا. وَقَدْ رَوَى أبو داود: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْهَا: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُوَافِينَ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ. .. فَذَكَرَتِ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْبَطْحَاءِ، طَهُرَتْ عائشة، وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ لَكِنْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: إِنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، مُخَالِفٌ لِمَا رَوَى هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ عَنْهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ: إِنَّهَا طَهُرَتْ لَيْلَةَ الْبَطْحَاءِ، وَلَيْلَةُ الْبَطْحَاءِ كَانَتْ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ بِأَرْبَعِ لَيَالٍ، وَهَذَا مُحَالٌ إِلَّا أَنَّنَا لَمَّا تَدَبَّرْنَا وَجَدْنَا هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ عائشة، فَسَقَطَ التَّعَلُّقُ بِهَا، لِأَنَّهَا مِمَّنْ دُونَ عائشة، وَهِيَ أَعْلَمُ بِنَفْسِهَا. قَالَ: وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ هَذَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، فَلَمْ يَذْكُرَا هَذِهِ اللَّفْظَةَ.
قُلْتُ: يَتَعَيَّنُ تَقْدِيمُ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَمَنْ مَعَهُ عَلَى حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ لِوُجُوهٍ.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ أَحْفَظُ وَأَثْبَتُ مِنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ.
الثَّانِي: أَنَّ حَدِيثَهُمْ فِيهِ إِخْبَارُهَا عَنْ نَفْسِهَا، وَحَدِيثَهُ فِيهِ الْإِخْبَارُ عَنْهَا.
الثَّالِثُ: أَنَّ الزُّهْرِيَّ رَوَى عَنْ عروة عَنْهَا الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَلَمْ أَزَلْ حَائِضًا حَتَّى كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَهَذِهِ الْغَايَةُ هِيَ الَّتِي بَيَّنَهَا مجاهد والقاسم عَنْهَا، لَكِنْ قَالَ مجاهد عَنْهَا: فَتَطَهَّرَتْ بِعَرَفَةَ، والقاسم قَالَ: يَوْمَ النَّحْرِ.
[الْعَوْدَةُ إِلَى سِيَاقِ حَجَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
فَصْلٌ
عُدْنَا إِلَى سِيَاقِ حَجَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا كَانَ بِسَرِفٍ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ: ( «مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلَا» ) ، وَهَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute