بَاشَرَ الْإِفْسَادَ بِقُوَّةِ الْبَاقِينَ، وَلَوْلَاهُمْ مَا وَصَلَ إِلَى مَا وَصَلَ إِلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أحمد ومالك وأبي حنيفة وَغَيْرِهِمْ.
[فصل في صُلْحِ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى وَضْعِ الْقِتَالِ عَشْرَ سِنِينَ]
فَصْلٌ
وَفِيهَا: جَوَازُ صُلْحِ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى وَضْعِ الْقِتَالِ عَشْرَ سِنِينَ، وَهَلْ يَجُوزُ فَوْقَ ذَلِكَ؟ الصَّوَابُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ، كَمَا إِذَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ وَعَدُوُّهُمْ أَقْوَى مِنْهُمْ، وَفِي الْعَقْدِ لِمَا زَادَ عَنِ الْعَشْرِ مَصْلَحَةٌ لِلْإِسْلَامِ.
[فصل في الْإِمَامَ وَغَيْرَهُ إِذَا سُئِلَ مَا لَا يَجُوزُ بَذْلُهُ]
فَصْلٌ
وَفِيهَا: أَنَّ الْإِمَامَ وَغَيْرَهُ إِذَا سُئِلَ مَا لَا يَجُوزُ بَذْلُهُ، أَوْ لَا يَجِبُ، فَسَكَتَ عَنْ بِذَلِهِ، لَمْ يَكُنْ سُكُوتُهُ بَذْلًا لَهُ، فَإِنَّ أبا سفيان سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَجْدِيدَ الْعَهْدِ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ، وَلَمْ يَكُنْ بِهَذَا السُّكُوتِ مُعَاهِدًا لَهُ.
[فصل في رَسُولُ الْكُفَّارِ لَا يُقْتَلُ]
فَصْلٌ
وَفِيهَا: أَنَّ رَسُولَ الْكُفَّارِ لَا يُقْتَلُ، فَإِنَّ أبا سفيان كَانَ مِمَّنْ جَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ انْتِقَاضِ الْعَهْدِ، وَلَمْ يَقْتُلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذْ كَانَ رَسُولَ قَوْمِهِ إِلَيْهِ.
[فصل في تَبْيِيتِ الْكُفَّارِ وَمُغَافَضَتُهُمْ فِي دِيَارِهِمْ]
فَصْلٌ
وَفِيهَا: جَوَازُ تَبْيِيتِ الْكُفَّارِ، وَمُغَافَقَتُهُمْ فِي دِيَارِهِمْ، إِذَا كَانَتْ قَدْ بَلَغَتْهُمُ الدَّعْوَةُ، وَقَدْ كَانَتْ سَرَايَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُبَيِّتُونَ الْكُفَّارَ وَيُغِيرُونَ عَلَيْهِمْ بِإِذْنِهِ بَعْدَ أَنْ بَلَغَتْهُمْ دَعْوَتُهُ.
[فصل في جَوَازُ قَتْلِ الْجَاسُوسِ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا]
فَصْلٌ
وَفِيهَا: جَوَازُ قَتْلِ الْجَاسُوسِ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّ عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتْلَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ لَمَّا بَعَثَ يُخْبِرُ أَهْلَ مَكَّةَ بِالْخَبَرِ وَلَمْ يَقُلْ