وَشَكَّ الصَّحَابَةُ هَلِ اتَّخَذَهَا سُرِّيَّةً أَوْ زَوْجَةً؟ فَقَالُوا: انْظُرُوا إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ إِحْدَى نِسَائِهِ، وَإِلَّا فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَلَمَّا رَكِبَ (جَعَلَ ثَوْبَهُ الَّذِي ارْتَدَى بِهِ عَلَى ظَهْرِهَا وَوَجْهِهَا، ثُمَّ شَدَّ طَرَفَهُ تَحْتَهُ، فَتَأَخَّرُوا عَنْهُ فِي الْمَسِيرِ، وَعَلِمُوا أَنَّهَا إِحْدَى نِسَائِهِ، وَلَمَّا قَدِمَ لِيَحْمِلَهَا عَلَى الرَّحْلِ أَجَلَّتْهُ أَنْ تَضَعَ قَدَمَهَا عَلَى فَخِذِهِ فَوَضَعَتْ رُكْبَتَهَا عَلَى فَخِذِهِ ثُمَّ رَكِبَتْ.
وَلَمَّا بَنَى بِهَا بَاتَ أبو أيوب لَيْلَتَهُ قَائِمًا قَرِيبًا مِنْ قُبَّتِهِ، آخِذًا بِقَائِمِ السَّيْفِ حَتَّى أَصْبَحَ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ أبو أيوب حِينَ رَآهُ قَدْ خَرَجَ، فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا لَكَ يَا أبا أيوب؟ فَقَالَ لَهُ: أَرِقْتُ لَيْلَتِي هَذِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمَّا دَخَلْتَ بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ، ذَكَرْتُ أَنَّكَ قَتَلْتَ أَبَاهَا وَأَخَاهَا وَزَوْجَهَا وَعَامَّةَ عَشِيرَتِهَا، فَخِفْتُ أَنْ تَغْتَالَكَ. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُ مَعْرُوفًا» ) .
[فَصْلٌ في قَسْمُ خَيْبَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ]
فَصْلٌ
وَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا، جَمَعَ كُلُّ سَهْمٍ مِائَةَ سَهْمٍ، فَكَانَتْ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَسِتَّمِائَةِ سَهْمٍ، فَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْمُسْلِمِينَ النِّصْفُ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ أَلْفٌ وَثَمَانِمِائَةِ سَهْمٍ، لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمٌ كَسَهْمِ أَحَدِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَزَلَ النِّصْفَ الْآخَرَ وَهُوَ أَلْفٌ وَثَمَانِمِائَةِ سَهْمٍ لِنَوَائِبِهِ وَمَا يَنْزِلُ بِهِ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ البيهقي: وَهَذَا لِأَنَّ خَيْبَرَ فُتِحَ شَطْرُهَا عَنْوَةً وَشَطْرُهَا صُلْحًا، فَقَسَمَ مَا فُتِحَ عَنْوَةً بَيْنَ أَهْلِ الْخُمُسِ وَالْغَانِمِينَ، وَعَزَلَ مَا فُتِحَ صُلْحًا لِنَوَائِبِهِ وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute