للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عذر مَنْ قَالَ لَمْ يَعْتَمِرْ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّتِهِ أَصْلًا]

فَصْلٌ

وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَعْتَمِرْ فِي حَجَّتِهِ أَصْلًا، فَعُذْرُهُ أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ أَنَّهُ أَفْرَدَ الْحَجَّ، وَعَلِمَ يَقِينًا أَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِرْ بَعْدَ حَجَّتِهِ قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَعْتَمِرْ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ اكْتِفَاءً مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَالْأَحَادِيثُ الْمُسْتَفِيضَةُ الصَّحِيحَةُ تَرُدُّ قَوْلَهُ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ وَجْهًا، وَقَدْ قَالَ: ( «هَذِهِ عُمْرَةٌ اسْتَمْتَعْنَا بِهَا» ) وَقَالَتْ حفصة: مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ؟ وَقَالَ سراقة بن مالك: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وعائشة، وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ وَصَرَّحَ أنس، وَابْنُ عَبَّاسٍ وعائشة أَنَّهُ اعْتَمَرَ فِي حَجَّتِهِ وَهِيَ إِحْدَى عُمَرِهِ الْأَرْبَعِ.

[اعْتَمَرَ صلى الله عليه وسلم عُمْرَةً حَلَّ مِنْهَا]

فَصْلٌ

وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِنَّهُ اعْتَمَرَ عُمْرَةً حَلَّ مِنْهَا، كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَمَنْ وَافَقَهُ، فَعُذْرُهُمْ مَا صَحَّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وعائشة، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَغَيْرِهِمْ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَتَّعَ» ، وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَمَتُّعٌ حَلَّ مِنْهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَحِلَّ، فَلَمَّا أَخْبَرَ معاوية أَنَّهُ قَصَّرَ عَنْ رَأْسِهِ بِمِشْقَصٍ عَلَى الْمَرْوَةِ، وَحَدِيثُهُ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " دَلَّ عَلَى أَنَّهُ حَلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي غَيْرِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ؛ لِأَنَّ معاوية إِنَّمَا أَسْلَمَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ زَمَنَ الْفَتْحِ مُحْرِمًا، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي عُمْرَةِ الْجِعْرَانَةِ لِوَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ " وَذَلِكَ فِي حَجَّتِهِ ".

وَالثَّانِي: أَنَّ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ (وَذَلِكَ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ) وَهَذَا إِنَّمَا كَانَ فِي حَجَّتِهِ، وَحَمَلَ هَؤُلَاءِ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى أَنَّ الْمُتْعَةَ كَانَتْ لَهُ خَاصَّةً

<<  <  ج: ص:  >  >>