رِوَايَتَانِ عَنْ أحمد، وَالَّذِينَ قَالُوا: لَا تُجْزِئُ، قَالُوا: الْعُمْرَةُ الْمَشْرُوعَةُ الَّتِي شَرَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِعْلُهَا نَوْعَانِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا: عُمْرَةُ التَّمَتُّعِ، وَهِيَ الَّتِي أَذِنَ فِيهَا عِنْدَ الْمِيقَاتِ، وَنَدَبَ إِلَيْهَا فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ وَأَوْجَبَهَا عَلَى مَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ عِنْدَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. الثَّانِيَةُ: الْعُمْرَةُ الْمُفْرَدَةُ الَّتِي يُنْشَأُ لَهَا سَفَرٌ، كَعُمَرِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَلَمْ يُشْرَعْ عُمْرَةٌ مُفْرَدَةٌ غَيْرُ هَاتَيْنِ، وَفِي كِلْتَيْهِمَا الْمُعْتَمِرُ دَاخِلٌ إِلَى مَكَّةَ.
وَأَمَّا عُمْرَةُ الْخَارِجِ إِلَى أَدْنَى الْحِلِّ فَلَمْ تُشْرَعْ. وَأَمَّا عُمْرَةُ عائشة، فَكَانَتْ زِيَارَةً مَحْضَةً، وَإِلَّا فَعُمْرَةُ قِرَانِهَا قَدْ أَجْزَأَتْ عَنْهَا بِنَصِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عُمْرَةَ الْقَارِنِ تُجْزِئُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ، فَإِنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لعائشة: (يَسَعُكِ طَوَافُكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ) » ، وَفِي لَفْظٍ: " يُجْزِئُكِ "، وَفِي لَفْظٍ: " يَكْفِيكِ ". وَقَالَ: ( «دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ) ، وَأَمَرَ كُلَّ مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ أَنْ يَقْرِنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَلَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا مِمَّنْ قَرَنَ مَعَهُ وَسَاقَ الْهَدْيَ بِعُمْرَةٍ أُخْرَى غَيْرَ عُمْرَةِ الْقِرَانِ، فَصَحَّ إِجْزَاءُ عُمْرَةِ الْقَارِنِ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ قَطْعًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
[مَوْضِعُ حَيْضَةِ عَائِشَةَ وَطُهْرِهَا]
فَصْلٌ
وَأَمَّا مَوْضِعُ حَيْضِهَا، فَهُوَ بِسَرِفٍ بِلَا رَيْبٍ، وَمَوْضِعُ طُهْرِهَا قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ، فَقِيلَ: بِعَرَفَةَ هَكَذَا رَوَى مجاهد عَنْهَا، وَرَوَى عروة عَنْهَا أَنَّهَا أَظَلَّهَا يَوْمَ عَرَفَةَ وَهِيَ حَائِضٌ وَلَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا، وَالْحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ، وَقَدْ حَمَلَهُمَا ابْنُ حَزْمٍ عَلَى مَعْنَيَيْنِ، فَطُهْرُ عَرَفَةَ: هُوَ الِاغْتِسَالُ لِلْوُقُوفِ بِهَا عِنْدَهُ، قَالَ: لِأَنَّهَا قَالَتْ: تَطَهَّرْتُ بِعَرَفَةَ، وَالتَّطَهُّرُ غَيْرُ الطُّهْرِ، قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ القاسم يَوْمَ طُهْرِهَا، أَنَّهُ يَوْمُ النَّحْرِ، وَحَدِيثُهُ فِي " صَحِيحِ مسلم ". قَالَ: وَقَدِ اتَّفَقَ القاسم وعروة عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute