للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قِصَّةُ الْفَضْلِ مَعَ الْخَثْعَمِيَّةِ]

فَصْلٌ

وَقَفَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَوْقِفِهِ، وَأَعْلَمَ النَّاسَ أَنَّ مُزْدَلِفَةَ كُلَّهَا مَوْقِفٌ، ثُمَّ سَارَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ مُرْدِفًا لِلْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ يُلَبِّي فِي مَسِيرِهِ، وَانْطَلَقَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَلَى رِجْلَيْهِ فِي سُبَّاقِ قُرَيْشٍ.

وَفِي طَرِيقِهِ ذَلِكَ أَمَرَ ابْنَ عَبَّاسٍ أَنْ يَلْقُطَ لَهُ حَصَى الْجِمَارِ، سَبْعَ حَصَيَاتٍ، وَلَمْ يَكْسِرْهَا مِنَ الْجَبَلِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ كَمَا يَفْعَلُ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ، وَلَا الْتَقَطَهَا بِاللَّيْلِ، فَالْتَقَطَ لَهُ سَبْعَ حَصَيَاتٍ مِنْ حَصَى الْخَذْفِ، فَجَعَلَ يَنْفُضُهُنَّ فِي كَفِّهِ وَيَقُولُ: " «بِأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ فَارْمُوا، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ» ".

وَفِي طَرِيقِهِ تِلْكَ، عَرَضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ جَمِيلَةٌ، فَسَأَلَتْهُ عَنِ الْحَجِّ عَنْ أَبِيهَا، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا، لَا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَحُجَّ عَنْهُ، وَجَعَلَ الفضل يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَصَرَفَهُ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ، وَكَانَ الفضل وَسِيمًا، فَقِيلَ: صَرَفَ وَجْهَهُ عَنْ نَظَرِهَا إِلَيْهِ. وَقِيلَ: صَرَفَهُ عَنْ نَظَرِهِ إِلَيْهَا، وَالصَّوَابُ: إِنَّهُ فَعَلَهُ لِلْأَمْرَيْنِ، فَإِنَّهُ فِي الْقِصَّةِ جَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>