النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْرَأْ فِي رَكْعَتَيْ ذَلِكَ الطَّوَافِ بِالطُّورِ وَلَا جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ بِالنَّهَارِ بِحَيْثُ تَسْمَعُهُ أم سلمة مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَقَدْ بَيَّنَ أبو محمد غَلَطَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ أَخَّرَهُ إِلَى اللَّيْلِ فَأَصَابَ فِي ذَلِكَ.
وَقَدْ صَحَّ مِنْ حَدِيثِ عائشة ( «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ بأم سلمة لَيْلَةَ النَّحْرِ، فَرَمَتِ الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ» ) فَكَيْفَ يَلْتَئِمُ هَذَا مَعَ طَوَافِهَا يَوْمَ النَّحْرِ وَرَاءَ النَّاسِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَانِبِ الْبَيْتِ يُصَلِّي وَيَقْرَأُ فِي صَلَاتِهِ: {وَالطُّورِ - وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} [الطور: ١ - ٢] ؟ هَذَا مِنَ الْمُحَالِ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ وَالْقِرَاءَةَ كَانَتْ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، أَوِ الْمَغْرِبِ، أَوِ الْعِشَاءِ، وَأَمَّا أَنَّهَا كَانَتْ يَوْمَ النَّحْرِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْوَقْتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ قَطْعًا، فَهَذَا مِنْ وَهْمِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ.
[طَوَافُ عَائِشَةَ]
فَطَافَتْ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ طَوَافًا وَاحِدًا، وَسَعَتْ سَعْيًا وَاحِدًا أَجْزَأَهَا عَنْ حَجِّهَا وَعُمْرَتِهَا، وَطَافَتْ صَفِيَّةُ ذَلِكَ الْيَوْمَ ثُمَّ حَاضَتْ فَأَجْزَأَهَا طَوَافُهَا ذَلِكَ عَنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ وَلَمْ تُوَدِّعْ، فَاسْتَقَرَّتْ سُنَّتُّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَرْأَةِ الطَّاهِرَةِ إِذَا حَاضَتْ قَبْلَ الطَّوَافِ - أَوْ قَبْلَ الْوُقُوفِ - أَنْ تَقْرِنَ وَتَكْتَفِيَ بِطَوَافٍ وَاحِدٍ وَسَعْيٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ حَاضَتْ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ اجْتَزَأَتْ بِهِ عَنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute