" الصَّحِيحَيْنِ ": ( «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ، يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، وَيَقُولُ: " اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ الْبَاسَ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا» ) ، فَفِي هَذِهِ الرُّقْيَةِ تَوَسُّلٌ إِلَى اللَّهِ بِكَمَالِ رُبُوبِيَّتِهِ، وَكَمَالِ رَحْمَتِهِ بِالشِّفَاءِ، وَأَنَّهُ وَحْدَهُ الشَّافِي، وَأَنَّهُ لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُهُ، فَتَضَمَّنَتِ التَّوَسُّلَ إِلَيْهِ بِتَوْحِيدِهِ وَإِحْسَانِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ.
[فَصْلٌ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِلَاجِ حَرِّ الْمُصِيبَةِ وَحُزْنِهَا]
فَصْلٌ
فِي هَدْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عِلَاجِ حَرِّ الْمُصِيبَةِ وَحُزْنِهَا
قَالَ تَعَالَى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ - الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ - أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: ١٥٥ - ١٥٧] [الْبَقَرَةِ: ١٥٥] . وَفِي " الْمُسْنَدِ " عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: ( «مَا مِنْ أَحَدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَجَارَهُ اللَّهُ فِي مُصِيبَتِهِ، وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا» ) .
وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ مِنْ أَبْلَغِ عِلَاجِ الْمُصَابِ، وَأَنْفَعِهِ لَهُ فِي عَاجِلَتِهِ وَآجِلَتِهِ، فَإِنَّهَا تَتَضَمَّنُ أَصْلَيْنِ عَظِيمَيْنِ إِذَا تَحَقَّقَ الْعَبْدُ بِمَعْرِفَتِهِمَا تَسَلَّى عَنْ مُصِيبَتِهِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعَبْدَ وَأَهْلَهُ وَمَالَهُ مِلْكٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَقِيقَةً، وَقَدْ جَعَلَهُ عِنْدَ الْعَبْدِ عَارِيَةً، فَإِذَا أَخَذَهُ مِنْهُ فَهُوَ كَالْمُعِيرِ يَأْخُذُ مَتَاعَهُ مِنَ الْمُسْتَعِيرِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مَحْفُوفٌ بِعَدَمَيْنِ: عَدَمٍ قَبْلَهُ وَعَدَمٍ بَعْدَهُ، وَمِلْكُ الْعَبْدِ لَهُ مُتْعَةٌ مُعَارَةٌ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَيْسَ الَّذِي أَوْجَدَهُ عَنْ عَدَمِهِ، حَتَّى يَكُونَ مِلْكُهُ حَقِيقَةً، وَلَا هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute