قَالَ مالك: ظَنَنْتُ أَنَّهُ قَالَ: فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُمَا، ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: رَخَّصَ لِلرُّعَاءِ أَنْ يَرْمُوا يَوْمًا، وَيَدَعُوا يَوْمًا فَيَجُوزُ لِلطَّائِفَتَيْنِ بِالسُّنَّةِ تَرْكُ الْمَبِيتِ بِمِنًى، وَأَمَّا الرَّمْيُ فَإِنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَهُ بَلْ لَهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوهُ إِلَى اللَّيْلِ، فَيَرْمُونَ فِيهِ، وَلَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا رَمْيَ يَوْمَيْنِ فِي يَوْمٍ، وَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَخَّصَ لِأَهْلِ السِّقَايَةِ وَلِلرِّعَاءِ فِي الْبَيْتُوتَةِ، فَمَنْ لَهُ مَالٌ يَخَافُ ضَيَاعَهُ، أَوْ مَرِيضٌ يَخَافُ مِنْ تَخَلُّفِهِ عَنْهُ، أَوْ كَانَ مَرِيضًا لَا تَمْكُنُهُ الْبَيْتُوتَةُ، سَقَطَتْ عَنْهُ بِتَنْبِيهِ النَّصِّ عَلَى هَؤُلَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ أَيْنَ لَقِيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ بَعْدَ رُجُوعِهَا مِنْ عُمْرَةِ التَّنْعِيمِ]
فَصْلٌ
وَلَمْ يَتَعَجَّلْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمَيْنِ، بَلْ تَأَخَّرَ حَتَّى أَكْمَلَ رَمْيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ، وَأَفَاضَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ بَعْدَ الظُّهْرِ إِلَى الْمُحَصَّبِ، وَهُوَ الْأَبْطَحُ، وَهُوَ خَيْفُ بَنِي كِنَانَةَ، فَوَجَدَ أبا رافع قَدْ ضَرَبَ لَهُ فِيهِ قُبَّةً هُنَاكَ، وَكَانَ عَلَى ثِقْلِهِ تَوْفِيقًا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ دُونَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَرَقَدَ رَقْدَةً، ثُمَّ نَهَضَ إِلَى مَكَّةَ، فَطَافَ لِلْوَدَاعِ لَيْلًا سَحَرًا، وَلَمْ يَرْمُلْ فِي هَذَا الطَّوَافِ، ( «وَأَخْبَرَتْهُ صفية أَنَّهَا حَائِضٌ فَقَالَ: " أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ " فَقَالُوا لَهُ إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ قَالَ: " فَلْتَنْفِرْ إِذًا» ) وَرَغِبَتْ إِلَيْهِ عائشة تَلِكَ اللَّيْلَةَ أَنْ يُعْمِرَهَا عُمْرَةً مُفْرَدَةً، فَأَخْبَرَهَا أَنَّ طَوَافَهَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَدْ أَجْزَأَ عَنْ حَجِّهَا وَعُمْرَتِهَا، فَأَبَتْ إِلَّا أَنْ تَعْتَمِرَ عُمْرَةً مُفْرَدَةً، فَأَمَرَ أَخَاهَا عبد الرحمن أَنْ يُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ، فَفَرَغَتْ مِنْ عُمْرَتِهَا لَيْلًا، ثُمَّ وَافَتِ الْمُحَصَّبَ مَعَ أَخِيهَا، فَأَتَيَا فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute