سلمة، وَلَكِنَّهَا احْتَبَسَتْ دُونَهُ وَمُنِعَتْ مِنَ اللَّحَاقِ بِهِ سَنَةً، وَحِيلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا سلمة، ثُمَّ خَرَجَتْ بَعْدَ السَّنَةِ بِوَلَدِهَا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَشَيَّعَهَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ.
ثُمَّ خَرَجَ النَّاسُ أَرْسَالًا يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلَمْ يَبْقَ بِمَكَّةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر وعلي، أَقَامَا بِأَمْرِهِ لَهُمَا، وَإِلَّا مَنِ احْتَبَسَهُ الْمُشْرِكُونَ كَرْهًا، وَقَدْ أَعَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِهَازَهُ يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ، وَأَعَدَّ أبو بكر جَهَازَهُ.
[فَصْلٌ في ائْتِمَارُ قُرَيْشٍ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَتْلِهِ]
فَصْلٌ
فَلَمَّا رَأَى الْمُشْرِكُونَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَجَهَّزُوا وَخَرَجُوا وَحَمَلُوا، وَسَاقُوا الذَّرَارِيَّ وَالْأَطْفَالَ وَالْأَمْوَالَ إِلَى الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، وَعَرَفُوا أَنَّ الدَّارَ دَارُ مَنَعَةٍ، وَأَنَّ الْقَوْمَ أَهْلُ حَلْقَةٍ وَشَوْكَةٍ وَبَأْسٍ، فَخَافُوا خُرُوجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ وَلُحُوقَهُ بِهِمْ، فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِمْ أَمْرُهُ، فَاجْتَمَعُوا فِي دَارِ النَّدْوَةِ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الرّأْيِ وَالْحِجَا مِنْهُمْ لِيَتَشَاوَرُوا فِي أَمْرِهِ، وَحَضَرَهُمْ وَلِيُّهُمْ وَشَيْخُهُمْ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ شَيْخٍ كَبِيرٍ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ مُشْتَمِلٌ الصَّمَّاءَ فِي كِسَائِهِ، فَتَذَاكَرُوا أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَشَارَ كُلُّ أَحَدٍ مِنْهُمْ بِرَأْيٍ، وَالشَّيْخُ يَرُدُّهُ وَلَا يَرْضَاهُ، إِلَى أَنْ قَالَ أبو جهل: قَدْ فُرِقَ لِي فِيهِ رَأْيٌ مَا أَرَاكُمْ قَدْ وَقَعْتُمْ عَلَيْهِ، قَالُوا: مَا هُوَ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ نَأْخُذَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ غُلَامًا نَهْدًا جَلْدًا، ثُمَّ نُعْطِيهِ سَيْفًا صَارِمًا، فَيَضْرِبُونَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute