وَسَاقَهُ أبو داود فِي " سُنَنِهِ " سِيَاقَةً تَامَّةً مُطَوَّلَةً، فَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عروة عَنْ عائشة وأم سلمة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ كَانَ تَبَنَّى سالما، وَأَنْكَحَهُ ابْنَةَ أَخِيهِ هندا بنت الوليد بن عتبة وَهُوَ مَوْلًى لِامْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، كَمَا تَبَنَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زيدا، وَكَانَ مَنْ تَبَنَّى رَجُلًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ دَعَاهُ النَّاسُ إِلَيْهِ وَوَرِثَ مِيرَاثَهُ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: ٥] [الْأَحْزَابِ: ٥] فَرُدُّوا إِلَى آبَائِهِمْ، فَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَبٌ كَانَ مَوْلًى وَأَخًا فِي الدِّينِ، ( «فَجَاءَتْ سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشي ثم العامري، وَهِيَ امْرَأَةُ أبي حذيفة، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا نَرَى سالما وَلَدًا وَكَانَ يَأْوِي مَعِي وَمَعَ أبي حذيفة فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، وَيَرَانِي فُضُلًا، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ مَا قَدْ عَلِمْتَ، فَكَيْفَ تَرَى فِيهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَرْضِعِيهِ» ) فَأَرْضَعَتْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَبِذَلِكَ كَانَتْ عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تَأْمُرُ بَنَاتِ إِخْوَتِهَا وَبَنَاتِ أَخَوَاتِهَا أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنْ يَرَاهَا وَيَدْخُلَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ، ثُمَّ يَدْخُلُ عَلَيْهَا، وَأَبَتْ ذَلِكَ أم سلمة وَسَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ أَحَدًا بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ مِنَ النَّاسِ حَتَّى يَرْضَعَ فِي الْمَهْدِ، وَقُلْنَ لعائشة: وَاللَّهِ مَا نَدْرِي لَعَلَّهَا كَانَتْ رُخْصَةً مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لسالم دُونَ النَّاسِ.
فَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ السُّنَنُ الثَّابِتَةُ أَحْكَامًا عَدِيدَةً، بَعْضُهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْأُمَّةِ، وَفِي بَعْضِهَا نِزَاعٌ.
[الرَّضَاعَةُ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ]
الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «الرَّضَاعَةُ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ» ) ، وَهَذَا الْحُكْمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْأُمَّةِ حَتَّى عِنْدَ مَنْ قَالَ: إِنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى النَّصِّ نَسْخٌ، وَالْقُرْآنُ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute