قُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ عَلَيْكَ، قَالَ: هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّهِمْ وَإِنْ رَغِمُوا» ، وَقَدْ رَوَى هَذَا عَنِ النِّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ سَمَّيْنَا وَغَيْرُهُمْ؛ وَرَوَى ذَلِكَ عَنْهُمْ طَوَائِفُ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ، حَتَّى صَارَ مَنْقُولًا نَقْلًا يَرْفَعُ الشَّكَّ، وَيُوجِبُ الْيَقِينَ، وَلَا يُمْكِنُ أَحَدًا أَنْ يُنْكِرَهُ، أَوْ يَقُولَ: لَمْ يَقَعْ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَمَذْهَبُ حَبْرِ الْأُمَّةِ وَبَحْرِهَا ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابِهِ، وَمَذْهَبُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَمَذْهَبُ إِمَامِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَتْبَاعِهِ، وَأَهْلِ الْحَدِيثِ مَعَهُ، وَمَذْهَبُ عبد الله بن الحسن العنبري قَاضِي الْبَصْرَةِ، وَمَذْهَبُ أَهْلِ الظَّاهِرِ.
[أَعْذَارُ مَنْ لَمْ يَأْخُذْ بِفَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ]
وَالَّذِينَ خَالَفُوا هَذِهِ الْأَحَادِيثَ لَهُمْ أَعْذَارٌ.
الْعُذْرُ الْأَوَّلُ: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ.
الْعُذْرُ الثَّانِي: أَنَّهَا مَخْصُوصَةٌ بِالصَّحَابَةِ، لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ مُشَارَكَتُهُمْ فِي حُكْمِهَا.
الْعُذْرُ الثَّالِثُ: مُعَارَضَتُهَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ حُكْمِهَا، وَهَذَا مَجْمُوعُ مَا اعْتَذَرُوا بِهِ عَنْهَا.
وَنَحْنُ نَذْكُرُ هَذِهِ الْأَعْذَارَ عُذْرًا عُذْرًا، وَنُبَيِّنُ مَا فِيهَا بِمَعُونَةِ اللَّهِ وَتَوْفِيقِهِ.
أَمَّا الْعُذْرُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ النَّسْخُ، فَيَحْتَاجُ إِلَى أَرْبَعَةِ أُمُورٍ لَمْ يَأْتُوا مِنْهَا بِشَيْءٍ يَحْتَاجُ إِلَى نُصُوصٍ أُخَرَ، تَكُونُ تِلْكَ النُّصُوصُ مُعَارِضَةً لِهَذِهِ، ثُمَّ تَكُونُ مَعَ هَذِهِ الْمُعَارَضَةِ مُقَاوِمَةً لَهَا، ثُمَّ يَثْبُتُ تَأَخُّرُهَا عَنْهَا.
قَالَ الْمُدَّعُونَ لِلنَّسْخِ: قَالَ عمر بن الخطاب السجستاني: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا أبان بن أبي حازم، قَالَ: حَدَّثَنِي أبو بكر بن حفص، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، ( «عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا وَلِيَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَحَلَّ لَنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute