للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكَانَ فَصْلَ النِّزَاعِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَلَوِ اتَّفَقَتْ آثَارُ الصَّحَابَةِ، لَكَانَتْ فَصْلًا أَيْضًا.

وَأَمَّا فِقْهُ الْمَسْأَلَةِ فَمُتَجَاذَبٌ، فَإِنَّ الزَّوْجَ الثَّانِيَ إِذَا هَدَمَتْ إِصَابَتُهُ الثَّلَاثَ، وَأَعَادَتْهَا إِلَى الْأَوَّلِ بِطَلَاقٍ جَدِيدٍ، فَمَا دُونَهَا أَوْلَى، وَأَصْحَابُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَقُولُونَ: لَمَّا كَانَتْ إِصَابَةُ الثَّانِي شَرْطًا فِي حِلِّ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا لِلْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ هَدْمِهَا وَإِعَادَتِهَا عَلَى طَلَاقٍ جَدِيدٍ، وَأَمَّا مَنْ طُلِّقَتْ دُونَ الثَّلَاثِ، فَلَمْ تُصَادِفْ إِصَابَةُ الثَّانِي فِيهَا تَحْرِيمًا يُزِيلُهُ، وَلَا هِيَ شَرْطٌ فِي الْحِلِّ لِلْأَوَّلِ، فَلَمْ تَهْدِمْ شَيْئًا، فَوُجُودُهَا كَعَدَمِهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَوَّلِ، وَإِحْلَالُهَا لَهُ، فَعَادَتْ عَلَى مَا بَقِيَ، كَمَا لَوْ لَمْ يُصِبْهَا، فَإِنَّ إِصَابَتَهُ لَا أَثَرَ لَهَا الْبَتَّةَ، وَلَا نِكَاحَهُ، وَطَلَاقُهُ مُعَلَّقٌ بِهَا بِوَجْهٍ مَا، وَلَا تَأْثِيرَ لَهَا فِيهِ.

[حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ حَتَّى يَطَأَهَا الزَّوْجُ الثَّانِي]

ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ ": عَنْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، ( «أَنَّ امْرَأَةَ رفاعة القرظي جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَنِي، فَبَتَّ طَلَاقِي، وَإِنِّي نَكَحْتُ بَعْدَهُ عبد الرحمن بن الزبير القرظي، وَإِنَّ مَا مَعَهُ مِثْلُ الْهُدْبَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رفاعة. لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» ) .

وَفِي " سُنَنِ النَّسَائِيِّ ": عَنْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «الْعُسَيْلَةُ الْجِمَاعُ وَلَوْ لَمْ يُنْزِلْ» ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>