عمر أُخْبِرَ بِقَوْلِهَا، فَقَالَ: لَسْنَا بِتَارِكِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَعَلَّهَا أُوهِمَتْ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ( «لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ» ) ذَكَرَهُ أبو محمد فِي " الْمُحَلَّى "، فَهَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى حَدِيثِ فاطمة لِجَلَالَةِ رُوَاتِهِ وَتَرْكِ إِنْكَارِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ وَمُوَافَقَتِهِ لِكِتَابِ اللَّهِ.
[ذِكْرُ الْأَجْوِبَةِ عَنْ هَذِهِ الْمَطَاعِنِ وَبَيَانُ بُطْلَانِهَا]
وَحَاصِلُهَا أَرْبَعَةٌ.
أَحَدُهَا: أَنَّ رَاوِيَتَهَا امْرَأَةٌ لَمْ تَأْتِ بِشَاهِدَيْنِ يُتَابِعَانِهَا عَلَى حَدِيثِهَا.
الثَّانِي: أَنَّ رِوَايَتَهَا تَضَمَّنَتْ مُخَالَفَةَ الْقُرْآنِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ خُرُوجَهَا مِنَ الْمَنْزِلِ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا فِي السُّكْنَى، بَلْ لِأَذَاهَا أَهْلَ زَوْجِهَا بِلِسَانِهَا.
الرَّابِعُ: مُعَارَضَةُ رِوَايَتِهَا بِرِوَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
وَنَحْنُ نُبَيِّنُ مَا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ، هَذَا مَعَ أَنَّ فِي بَعْضِهَا مِنَ الِانْقِطَاعِ وَفِي بَعْضِهَا مِنَ الضَّعْفِ وَفِي بَعْضِهَا مِنَ الْبُطْلَانِ مَا سَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ، وَبَعْضُهَا صَحِيحٌ عَمَّنْ نُسِبَ إِلَيْهِ بِلَا شَكٍّ.
فَأَمَّا الْمَطْعَنُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ كَوْنُ الرَّاوِي امْرَأَةً، فَمَطْعَنٌ بَاطِلٌ بِلَا شَكٍّ، وَالْعُلَمَاءُ قَاطِبَةً عَلَى خِلَافِهِ، وَالْمُحْتَجُّ بِهَذَا مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ أَوَّلُ مُبْطِلٍ لَهُ وَمُخَالِفٍ لَهُ فَإِنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ السُّنَنَ تُؤْخَذُ عَنِ الْمَرْأَةِ كَمَا تُؤْخَذُ عَنِ الرَّجُلِ، هَذَا وَكَمْ مِنْ سُنَّةٍ تَلَقَّاهَا الْأَئِمَّةُ بِالْقَبُولِ عَنِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَهَذِهِ مَسَانِيدُ نِسَاءِ الصَّحَابَةِ بِأَيْدِي النَّاسِ لَا تَشَاءُ أَنْ تَرَى فِيهَا سُنَّةً تَفَرَّدَتْ بِهَا امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ إِلَّا رَأَيْتَهَا، فَمَا ذَنْبُ فاطمة بنت قيس دُونَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، وَقَدْ أَخَذَ النَّاسُ بِحَدِيثِ فريعة بنت مالك بن سنان أخت أبي سعيد فِي اعْتِدَادِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فِي بَيْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute