زَوْجِهَا، وَلَيْسَتْ فاطمة بِدُونِهَا عِلْمًا وَجَلَالَةً وَثِقَةً وَأَمَانَةً، بَلْ هِيَ أَفْقَهُ مِنْهَا بِلَا شَكٍّ، فَإِنَّ فريعة لَا تُعْرَفُ إِلَّا فِي هَذَا الْخَبَرِ، وَأَمَّا شُهْرَةُ فاطمة وَدُعَاؤُهَا مَنْ نَازَعَهَا مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَمُنَاظَرَتُهَا عَلَى ذَلِكَ فَأَمْرٌ مَشْهُورٌ، وَكَانَتْ أَسْعَدَ بِهَذِهِ الْمُنَاظَرَةِ مِمَّنْ خَالَفَهَا كَمَا مَضَى تَقْرِيرُهُ، وَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يَخْتَلِفُونَ فِي الشَّيْءِ فَتَرْوِي لَهُمْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا، فَيَأْخُذُونَ بِهِ وَيَرْجِعُونَ إِلَيْهِ وَيَتْرُكُونَ مَا عِنْدَهُمْ لَهُ، وَإِنَّمَا فُضِّلْنَ عَلَى فاطمة بنت قيس بِكَوْنِهِنَّ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَّا فَهِيَ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ وَقَدْ رَضِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحِبِّهِ وَابْنِ حِبِّهِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَكَانَ الَّذِي خَطَبَهَا لَهُ. وَإِذَا شِئْتَ أَنْ تَعْرِفَ مِقْدَارَ حِفْظِهَا وَعِلْمِهَا فَاعْرِفْهُ مِنْ حَدِيثِ الدَّجَّالِ الطَّوِيلِ الَّذِي حَدَّثَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمِنْبَرِ فَوَعَتْهُ فاطمة وَحَفِظَتْهُ، وَأَدَّتْهُ كَمَا سَمِعَتْهُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهَا أَحَدٌ مَعَ طُولِهِ وَغَرَابَتِهِ، فَكَيْفَ بِقِصَّةٍ جَرَتْ لَهَا وَهِيَ سَبَبُهَا وَخَاصَمَتْ فِيهَا وَحُكِمَ فِيهَا بِكَلِمَتَيْنِ وَهِيَ: لَا نَفَقَةَ وَلَا سُكْنَى، وَالْعَادَةُ تُوجِبُ حِفْظَ مِثْلِ هَذَا وَذِكْرَهُ، وَاحْتِمَالُ النِّسْيَانِ فِيهِ أَمْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهَا، فَهَذَا عمر قَدْ نَسِيَ تَيَمُّمَ الْجُنُبِ، وَذَكَّرَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمَا بِالتَّيَمُّمِ مِنَ الْجَنَابَةِ فَلَمْ يَذْكُرْهُ عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَقَامَ عَلَى أَنَّ الْجُنُبَ لَا يُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ.
وَنَسِيَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: ٢٠]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute