وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا رَيْبَ أَنَّ عَامَّةَ أَدْعِيَتِهِ الَّتِي كَانَ يَدْعُو بِهَا، وَعَلَّمَهَا الصِّدِّيقَ إِنَّمَا هِيَ فِي صُلْبِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: ( «لَا تَنْسَ أَنْ تَقُولَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ» ) فَدُبُرُ الصَّلَاةِ يُرَادُ بِهِ آخِرُهَا قَبْلَ السَّلَامِ مِنْهَا، كَدُبُرِ الْحَيَوَانِ وَيُرَادُ بِهِ مَا بَعْدَ السَّلَامِ كَقَوْلِهِ: ( «تُسَبِّحُونَ اللَّهَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ» ) الْحَدِيثَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَى قَبْلَ الصَّلَاةِ]
فَصْلٌ وَلَمْ يَزَلْ فِي نَفْسِي، هَلْ كَانَ يَرْمِي قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ أَوْ بَعْدَهَا؟ وَالَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ كَانَ يَرْمِي قَبْلَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّي؛ لِأَنَّ جابرا وَغَيْرَهُ قَالُوا: كَانَ يَرْمِي إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، فَعَقَّبُوا زَوَالَ الشَّمْسِ بِرَمْيِهِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ وَقْتَ الزَّوَالِ لِلرَّمْيِ أَيَّامَ مِنًى، كَطُلُوعِ الشَّمْسِ لِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ لَمَّا دَخَلَ وَقْتُ الرَّمْيِ لَمْ يُقَدِّمْ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ عِبَادَاتِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الترمذي وَابْنَ مَاجَهْ رَوَيَا فِي " سُنَنِهِمَا " عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ( «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي الْجِمَارَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ» ) زَادَ ابْنُ مَاجَهْ: قَدْرَ مَا إِذَا فَرَغَ مِنْ رَمْيِهِ صَلَّى الظُّهْرَ. وَقَالَ الترمذي: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَلَكِنْ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ الترمذي الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَفِي إِسْنَادِ حَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ إبراهيم بن عثمان أبو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute