للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَخَذَ مالك بِظَاهِرِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَأَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ عمر جَعَلَ دِيَتَهُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَهِي ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَأَخَذَ أحمد بِحَدِيثِ عمرو إِلَّا أَنَّهُ فِي الْعَمْدِ ضِعْفُ الدِّيَةِ عُقُوبَةً لِأَجْلِ سُقُوطِ الْقِصَاصِ، وَهَكَذَا عِنْدَهُ مَنْ سَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ، ضُعِّفَتْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ عُقُوبَةً، نَصَّ عَلَيْهِ تَوْقِيفًا، وَأَخَذَ أبو حنيفة بِمَا هُوَ أَصْلُهُ مِنْ جَرَيَانِ الْقِصَاصِ بَيْنَهُمَا، فَتَتَسَاوَى دِيَتُهُمَا.

وَقَضَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَقْلَ الْمَرْأَةِ مِثْلُ عَقْلِ الرَّجُلِ إِلَى الثُّلُثِ مِنْ دِيَتِهَا، ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ. فَتَصِيرُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَتِهِ، وَقَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَبَرَّأَ مِنْهَا الزَّوْجَ، وَوَلَدَ الْمَرْأَةِ الْقَاتِلَةِ.

وَقَضَى فِي الْمُكَاتَبِ أَنَّهُ إِذَا قُتِلَ يُودَى بِقَدْرِ مَا أَدَّى مِنْ كِتَابَتِهِ دِيَةَ الْحُرِّ، وَمَا بَقِيَ فَدِيَةُ الْمَمْلُوكِ، قُلْتُ: يَعْنِي قِيمَتَهُ. وَقَضَى بِهَذَا الْقَضَاءِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَيُذْكَرُ رِوَايَةً عَنْ أحمد، وَقَالَ عمر: إِذَا أَدَّى شَطْرَ كِتَابَتِهِ كَانَ غَرِيمًا، وَلَا يَرْجِعُ رَقِيقًا، وَبِهِ قَضَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا أَدَّى الثُّلُثَ، وَقَالَ عطاء: إِذَا أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْكِتَابَةِ، فَهُوَ غَرِيمٌ، وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ هَذَا الْقَضَاءَ النَّبَوِيَّ لَمْ تُجْمِعِ الْأُمَّةُ عَلَى تَرْكِهِ، وَلَمْ يُعْلَمْ نَسْخُهُ.

وَأَمَّا حَدِيثُ ( «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» ) فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا الْقَضَاءِ، فَإِنَّهُ فِي الرِّقِّ بَعْدُ، وَلَا تَحْصُلُ حُرِّيَّتُهُ التَّامَّةُ إِلَّا بِالْأَدَاءِ.

[فَصْلٌ فِي قَضَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ أَقَرَّ بِالزِّنَى]

ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ومسلم «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>