إِخْوَانِ الشَّيَاطِينِ، وَأَوْهَمُوا الْجُهَّالَ أَنَّ ذَلِكَ مِيرَاثٌ مِنْ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، وَأَنَّ النَّارَ قَدْ تَصِيرُ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلَامًا، كَمَا صَارَتْ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَخِيَارُ هَؤُلَاءِ مَلْبُوسٌ عَلَيْهِ يَظُنُّ أَنَّهُ دَخَلَهَا بِحَالٍ رَحْمَانِيٍّ، وَإِنَّمَا دَخَلَهَا بِحَالٍ شَيْطَانِيٍّ، فَإِذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ، فَهُوَ مَلْبُوسٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بِهِ، فَهُوَ مُلَبِّسٌ عَلَى النَّاسِ يُوهِمُهُمْ أَنَّهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ، وَأَكْثَرُهُمْ يَدْخُلُهَا بِحَالٍ بُهْتَانِيٍّ وَتَحَيُّلٍ إِنْسَانِيٍّ، فَهُمْ فِي دُخُولِهَا فِي الدُّنْيَا ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: مَلْبُوسٌ عَلَيْهِ، وَمُلَبِّسٌ، وَمُتَحَيِّلٌ، وَنَارُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى.
[فَصْلٌ فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ]
[عام عمرة القضية]
فَصْلٌ
فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ
قَالَ نافع: كَانَتْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ، وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ خَيْبَرَ، بَعَثَ السَّرَايَا، وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى اسْتَهَلَّ ذُو الْقَعْدَةِ، ثُمَّ نَادَى فِي النَّاسِ بِالْخُرُوجِ.
قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ مِنْ عَامِ الْحُدَيْبِيَةِ مُعْتَمِرًا فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ، وَهُوَ الشَّهْرُ الَّذِي صَدَّهُ فِيهِ الْمُشْرِكُونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ يَأْجُجَ، وَضَعَ الْأَدَاةَ كُلَّهَا الْحَجَفَ وَالْمِجَانَّ، وَالنَّبْلَ، وَالرِّمَاحَ، وَدَخَلُوا بِسِلَاحِ الرَّاكِبِ السُّيُوفِ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَى ميمونة بنت الحارث بن حزن العامرية، فَخَطَبَهَا إِلَيْهِ، فَجَعَلَتْ أَمْرَهَا إِلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَكَانَتْ أُخْتُهَا أم الفضل تَحْتَهُ، فَزَوَّجَهَا العباس رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ: "اكْشِفُوا عَنِ الْمَنَاكِبِ، وَاسْعَوْا فِي الطَّوَافِ "؛ لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ جَلَدَهُمْ وَقُوَّتَهُمْ.
وَكَانَ يُكَايِدُهُمْ بِكُلِّ مَا اسْتَطَاعَ، فَوَقَفَ أَهْلُ مَكَّةَ: الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute