أَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ مِنْكُمْ
وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ ... فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي
لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ ... لِسَانِي صَارِمٌ لَا عَيْبَ فِيهِ
وَبَحْرِي لَا تُكَدِّرُهُ الدِّلَاءُ
[فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةِ إِلَى مَا فِي الْغَزْوَةِ منَ الْفِقْهِ وَاللَّطَائِفِ]
[مقدمة وتوطئة الفتح العظيم]
فَصْلٌ
فِي الْإِشَارَةِ إِلَى مَا فِي الْغَزْوَةِ
منَ الْفِقْهِ وَاللَّطَائِفِ
كَانَتْ صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ مُقَدِّمَةً وَتَوْطِئَةً بَيْنَ يَدَيْ هَذَا الْفَتْحِ الْعَظِيمِ، أَمِنَ النَّاسُ بِهِ وَكَلَّمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَنَاظَرَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَتَمَكَّنَ مَنِ اخْتَفَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِمَكَّةَ مِنْ إِظْهَارِ دِينِهِ، وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهِ، وَالْمُنَاظَرَةِ عَلَيْهِ، وَدَخَلَ بِسَبَبِهِ بَشَرٌ كَثِيرٌ فِي الْإِسْلَامِ، وَلِهَذَا سَمَّاهُ اللَّهُ فَتْحًا فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: ١] [الْفَتْحِ: ١] ، نَزَلَتْ فِي شَأْنِ الْحُدَيْبِيَةِ، فَقَالَ عمر: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَفَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ: " نَعَمْ ". وَأَعَادَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذِكْرَ كَوْنِهِ فَتْحًا، فَقَالَ: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} [الفتح: ٢٧] إِلَى قَوْلِهِ: {فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: ٢٧] [الْفَتْحِ: ٢٧] وَهَذَا شَأْنُهُ - سُبْحَانَهُ - أَنْ يُقَدِّمَ بَيْنَ يَدَيِ الْأُمُورِ الْعَظِيمَةِ مُقَدِّمَاتٍ تَكُونُ كَالْمَدْخَلِ إِلَيْهَا، الْمُنَبِّهَةِ عَلَيْهَا، كَمَا قَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ قِصَّةِ الْمَسِيحِ، وَخَلْقِهِ مِنْ غَيْرِ أَبٍ، قِصَّةَ زَكَرِيَّا وَخَلْقَ الْوَلَدِ لَهُ مَعَ كَوْنِهِ كَبِيرًا لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ، وَكَمَا قَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ نَسْخِ الْقِبْلَةِ قِصَّةَ الْبَيْتِ وَبِنَائِهِ وَتَعْظِيمِهِ، وَالتَّنْوِيهَ بِهِ وَذِكْرَ بَانِيهِ وَتَعْظِيمِهِ وَمَدْحِهِ، وَوَطَّأَ قَبْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ بِذِكْرِ النَّسْخِ وَحِكْمَتِهِ الْمُقْتَضِيَةِ لَهُ، وَقُدْرَتِهِ الشَّامِلَةِ لَهُ، وَهَكَذَا مَا قَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ مَبْعَثِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قِصَّةِ الْفِيلِ، وَبِشَارَاتِ الْكُهَّانِ بِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ مُقَدِّمَةً بَيْنَ يَدَيِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute