للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ اضْطَجَعَ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ» ، قَالَ: شعبة لَا يَرْفَعُهُ. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَضْطَجِعْ، عَلَيْهِ شَيْءٌ؟ قَالَ: لَا، عائشة تَرْوِيهِ وَابْنُ عُمَرَ يُنْكِرُهُ. قَالَ الخلال: وَأَنْبَأَنَا المروزي أَنَّ أبا عبد الله قَالَ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ لَيْسَ بِذَاكَ. قُلْتُ: إِنَّ الْأَعْمَشَ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ أبي صالح، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: عبد الواحد وَحْدَهُ يُحَدِّثُ بِهِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ: إِنَّ أبا عبد الله سُئِلَ عَنِ الِاضْطِجَاعِ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَالَ: مَا أَفْعَلُهُ، وَإِنْ فَعَلَهُ رَجُلٌ، فَحَسَنٌ. انْتَهَى.

فَلَوْ كَانَ حَدِيثُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أبي صالح صَحِيحًا عِنْدَهُ، لَكَانَ أَقَلُّ دَرَجَاتِهِ عِنْدَهُ الِاسْتِحْبَابَ، وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا رَوَتْ هَذَا، وَرَوَتْ هَذَا، فَكَانَ يَفْعَلُ هَذَا تَارَةً، وَهَذَا تَارَةً، فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ، فَإِنَّهُ مِنَ الْمُبَاحِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي اضْطِجَاعِهِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ سِرٌّ، وَهُوَ أَنَّ الْقَلْبَ مُعَلَّقٌ فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ، فَإِذَا نَامَ الرَّجُلُ عَلَى الْجَنْبِ الْأَيْسَرِ، اسْتَثْقَلَ نَوْمًا، لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي دَعَةٍ وَاسْتِرَاحَةٍ، فَيَثْقُلُ نَوْمُهُ، فَإِذَا نَامَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، فَإِنَّهُ يَقْلَقُ وَلَا يَسْتَغْرِقُ فِي النَّوْمِ، لِقَلَقِ الْقَلْبِ، وَطَلَبِهِ مُسْتَقَرَّهُ، وَمَيْلِهِ إِلَيْهِ، وَلِهَذَا اسْتَحَبَّ الْأَطِبَّاءُ النَّوْمَ عَلَى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ لِكَمَالِ الرَّاحَةِ وَطِيبِ الْمَنَامِ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يَسْتَحِبُّ النَّوْمَ عَلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ، لِئَلَّا يَثْقُلَ نَوْمُهُ فَيَنَامَ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، فَالنَّوْمُ عَلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ أَنْفَعُ لِلْقَلْبِ، وَعَلَى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ أَنْفَعُ لِلْبَدَنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[فصل هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ]

فَصْلٌ

فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ

قَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ فِي أَنَّهُ: هَلْ كَانَ فَرْضًا عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ وَالطَّائِفَتَانِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: ٧٩] [الْإِسْرَاءِ: ٧٩] قَالُوا: فَهَذَا صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ، قَالَ الْآخَرُونَ: أَمَرَهُ بِالتَّهَجُّدِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، كَمَا أَمَرَهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ - قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل: ١ - ٢] [الْمُزَّمِّلِ: ١، ٢] . وَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>