للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَجَعَلَهَا أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ، وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ ضَعْفَ أَهْلِ الْيَمَنِ، وعمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلِمَ غِنَى أَهْلِ الشَّامِ وَقُوَّتَهُمْ.

[فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْهُدْنَةِ وَمَا يَنْقُضُهَا]

ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَالَحَ أَهْلَ مَكَّةَ عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَشْرَ سِنِينَ، وَدَخَلَ حُلَفَاؤُهُمْ مِنْ بَنِي بَكْرٍ مَعَهُمْ، وَحُلَفَاؤُهُ مِنْ خُزَاعَةَ مَعَهُ، فَعَدَتْ حُلَفَاءُ قُرَيْشٍ عَلَى حُلَفَائِهِ فَغَدَرُوا بِهِمْ، فَرَضِيَتْ قُرَيْشٌ وَلَمْ تُنْكِرْهُ، فَجَعَلَهُمْ بِذَلِكَ نَاقِضِينَ لِلْعَهْدِ، وَاسْتَبَاحَ غَزْوَهُمْ مِنْ غَيْرِ نَبْذِ عَهْدِهِمْ إِلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ صَارُوا مُحَارِبِينَ لَهُ نَاقِضِينَ لِعَهْدِهِ بِرِضَاهُمْ وَإِقْرَارِهِمْ لِحُلَفَائِهِمْ عَلَى الْغَدْرِ بِحُلَفَائِهِ، وَأَلْحَقَ رِدْأَهُمْ فِي ذَلِكَ بِمُبَاشِرِهِمْ.

وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ صَالَحَ الْيَهُودَ وَعَاهَدَهُمْ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَغَدَرُوا بِهِ وَنَقَضُوا عَهْدَهُ مِرَارًا، وَكُلُّ ذَلِكَ يُحَارِبُهُمْ وَيَظْفَرُ بِهِمْ، وَآخِرُ مَا صَالَحَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُ، وَيُقِرُّهُمْ فِيهَا عُمَّالًا لَهُ مَا شَاءَ، وَكَانَ هَذَا الْحُكْمُ مِنْهُ فِيهِمْ حُجَّةً عَلَى جَوَازِ صُلْحِ الْإِمَامِ لِعَدُوِّهِ مَا شَاءَ مِنَ الْمُدَّةِ، فَيَكُونُ الْعَقْدُ جَائِزًا لَهُ فَسْخُهُ مَتَى شَاءَ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ مُوجِبُ حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَا نَاسِخَ لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>